ذلك، كان ذلك فاسدًا. وإنما لم أُخَصص هذا الشرط بالمستنبطة بل أطلقتُ كما أطلقه ابن الحاجب وغيره وإنْ قيدت الشرط الذي بعده بالمستنبطة؛ لأنَّ ما يعود بالإبطال لا يكون في منصوصة؛ لئلَّا يؤدي للتناقض، ولا في مستنبطة؛ لِمَا ذكرناه، وذلك لِمَا يَلزم مِن إبطالها أصلها أن تكون هي باطلة؛ لأن الفرع يَبْطل ببطلان أصله.
ولهذا ضُعِّف تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في أربعين شاة شاة"(١) ونحو ذلك أنَّ المعنى فيه سد خلة المستحق حتى يجوز أن يدفع له قيمة الشاة كما سبق في أمثلة التأويلات البعيدة.
ووَجْه ضَعْفه أنه يعود على أصله -وهو إيجاب الشاة- بالبطلان، وذلك أنه يَلزم أن لا تجب الشاة عينًا؛ فإنَّ غَيْر الشاة ليس بِشاة.
قال بعض المحققين: ليس هذا رفعًا؛ لأنه إنما يكون رفعًا أنْ لو أدى إلى عدم إجزاء الشاة مثلًا.
ولهذا قال أصحابنا في الإيتاء في الكتابة: إنه إنْ شاء السيد أَسقط عن المكاتب قَدْر ما يؤتيه مِن آخِر نجم، وإنْ شاء إذا قبضه يدفع منه. ذلك لأن المعنى في الإيتاء إعانة المكاتب، وهو حاصل بذلك، ولم يقولوا: إنه عاد بالإبطال باعتبار أن الإيتاء صار غير واجب عَيْنًا. ولهذا قال السهروردي: أنصف أمير المتأخرين -يعني الغزالي- إذ قال في "المستصفى": ليس هذا رفعًا للنص، وإنما يَلزم أنْ لو جوَّزوا الترك مطلقًا، أما إلى بدل فلا تخرج الشاة عن كونها واجبة. فإنَّ مَن أدَّى خصلة من خصال الكفارة المخيرة فقد أدَّى واجبًا وإنْ كان الوجوب يتأدى بغيرها، فهذا توسيع للوجوب، لا إسقاط له.
وأما تخصيص الشاة بالذِّكر فيجوز أن يكون لكثرة الوجود عندهم كما ذكر الحجر في الاستنجاء مع جوازه بالمدر والخرق ونحوها، أو لسهولة الأداء على المالك.