للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأُولى: "اليقين لا يُرْفَع بالشك":

[بل] (١) الأمر فيما تُيُقِّنَ باقٍ على حاله؛ لحديث عبد الله بن زيد المازني شكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجُل يُخيل إليه أف يجد الشيء في الصلاة، قال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" (٢). أخرجاه، ولمسلم: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أَخَرَج منه شيء؟ أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" (٣).

فمَن شك في امرأة هل تَزوجها؟ أم لا؟ لم يكن له وطئها؛ استصحابًا لحكم التحريم إلى أنْ يتحقق تَزَوُّجه بها اتفاقًا.

وكذا لو شك هل طَلَّق زوجته؟ أو لا؟ لا يقع عليه شيء، وله أنْ يطأ حتى يتحقق الطلاق؛ استصحابًا للنكاح.

ولا تختص هذه القاعدة بالفقه، بل الأصل في كل حادث عَدَمه حتى يتحقق، كما نقول: الأصل انتفاء الأحكام عن المكلَّفين حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك، والأصل في الألفاظ أنها للحقيقة، وفي الأوامر للوجوب، والنواهي للتحريم، والأصل بقاء العموم حتى يتحقق ورود المخصِّص، وبقاء حُكم النَّص حتى يَرِد الناسخ، وغير ذلك مما لا حصر له.

ولأجْل هذه القاعدة كان الاستصحاب حُجة، بل يكاد أنْ يكونَا مُتَّحِدَين؛ ولذلك قلتُ في النَّظم: (وَذَا في الِاسْتِصْحَابِ مَا يَنْفَعُهُ).

ومما يبنى عليه أيضًا أنَّ المانع لا يطالَب بدليل؛ لأنه مُستنِد للاستصحاب، كما أن المدعَى عليه في باب الدعوى لا يطالَب بحجة، بل القول في الإنكار قوله بيمينه كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "البينة


(١) كذا في (ت)، لكن في سائر النسخ: بل يبقى.
(٢) صحيح البخاري (رقم: ١٣٧)، صحيح مسلم (رقم: ٣٦١).
(٣) صحيح مسلم (رقم: ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>