للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بإيرادها تهذيب الأصول، ولا ينزف حمام ذهنه في وضع الوقائع -مع العِلم بأنها لا تنحصر- مع الذهول عن الأصول). انتهى

واعلم أن قواعد فقه مذهبنا كثيرةٌ جدًّا، غَيْر أنَّ القاضي الحسين لَمَّا بَلَغه حكاية أبي طاهر الدباس -إمام الحنفية بما وراء النهر- حيث رد جميع مذهب أبي حنيفة رحمه الله إلى سبع عشرة قاعدة وأنه كان يضنّ بتعليمها، رد القاضي مذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أربع قواعد: "اليقين لا يُزال بالشك"، و"الضرر يُزال"، و"المشقة تجلب التيسير"، و"العادة محكمة".

قال إمام الحرمين: في كون هذه الأربع دعائم الفقه نَظَر؛ فإنَّ غالبه لا يَرْجع إليها إلا بوسائط وتَكَلُّف.

قال الحافظ العلائي: ورأيت فيما علقت بالقاهرة عن بعض الفضلاء أنه ضم إلى الأربع خامسة، وهي: " الأمور بمقاصدها"؛ لحديث: "إنما الأعمال [بالنيات] (١) " (٢)، وقال: بُنِي الإسلام على خمس والفقه على خمس. وما قاله حسن؛ لأنَّ الشافعي قال: يدخل في هذا الحديث ثُلث العِلم.

نعم، ردها بعضهم إلى بعض الأربع كما سنذكره في محله.

وردَّ الإمام ابن عبد السلام الفقه كُله إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد، ولو ضايقه مضايق لقَال: وَرَدُّ الكل إلى اعتبار المصالح؛ فإنَّ دَرْء المفاسد مِن جُملتها.

ولكن كل هذا فيه تَعَسُّف أو إجمال شديد، والقواعد وإنْ زادت على المائتين لكن هذه الخمس متسعة جدًّا؛ فلذلك أحببنا أن نذكر شيئًا من بيانها.


(١) كذا في (ق، ش)، لكن في (ت): بالنية. وفي غيرهم: كثير.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>