للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢٨ - مُقَابِلًا لِلظَّنِّ، كَالْقَطْعِيِّ ... مِنْ مُجْمَعٍ مَعْ غَيْرِهِ الظَّنِّيِّ

الشرح:

أي: أما إذا لم يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فذلك محل التعادل والتراجيح.

فَـ "التعادل": تَساوي الدليلين المتعارضين بحيث لا يكون في أحدهما ما يرجحه على الآخر.

و"الترجيح": تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى؛ فيُعْلَم الأقوى، فيُعمل به.

وقد قدمت في النَّظم ما فيه الترجيح على التعادل؛ لأنَّ الكلام في تفاصيله يأتي من بَعْد، بخلاف التعادل، فإنَّ الذي فيه ما ذكرته هنا.

فقولي: (وَثَمَّ رُجْحَانٌ) أي: وكان هناك رجحان. فـ "ثَمَّ " إشارة للمكان، كما في قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} [الشعراء: ٦٤].

وقولي: (إلَيْهِ يُرْكَنُ) هو جواب الشرط، وهو إذا لم يمكن جمع. وكان الأصل: "فإلَيْهِ يُرْكَنُ" أي: يُعتمد ويُعمل به، ولكن حذفت "الفاء"؛ للضرورة، كما في قول الشاعر: (مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ، اللهُ يَشْكُرُهَا). أي: فالله يشكرها.

واعْلَم أن العمل بالراجح فيما له مُرجِّح هو قول الأكثر، سواء كان المرجح معلومًا أو مظنونًا. حتى أن المنكرين للقياس عملوا بالترجيح في ظواهر الأخبار.

وخالف القاضي أبو بكر في جواز العمل بالمرجح بالمظنون، قال: وإنما أَقبل الترجيح بالمقطوع به، كتقديم النص على القياس، لا بالأوصاف ولا الأحوال ولا كثرة الأدلة؛ لأنَّ الأصل أنْ لا يُتبع شيء مِن [الظنون] (١)؛ لأنه عُرضة الغلط والخطأ.


(١) كذا في (س، ص)، لكن في (ق): المظنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>