للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحد. ولهذا قدَّمنا حديث عائشة في صلاة الفجر بغَلس (١) على حديث [نافع] (٢) في الإسفار (٣)؛ لموافقته قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: ٢٣٨]؛ لأنَّ من المحافظة الإتيان بالمحافَظ عليه المؤقَّت أَول وقته.

الثاني: ما وافق مرسلًا (ولو قلنا: إنَّ المرسل غير حُجة) مُرجَّح على ما لم يوافق ذلك؛ لأنَّ التعاضد أقوى في النفس، حتى إنَّ كثيرًا من العلماء قد جعله دليلًا، فهو إما دليل أو في معنى الدليل، فلا يفوت موافقته. ومن ثَم عمل الشافعي بالمرسَل إذا عضده مرسَل آخَر مِن غيْر طريقِه كما سبق. وإلى ذلك أشرت بقولي: (مُرْسَلِ مَنْ يُوَافِقُ)، أي: يوافق بمرسله ذلك الدليل.

وألحق الغزالي بذلك ما إذا عضده خبر مردود عند المستدِل لكن قد قال به بعض العلماء.

قال: فهذا مرجح، لكن بشرط أن لا يكون قاطعًا ببطلان مذهب القائلين به، بل يرى ذلك في محل الاجتهاد.

الثالث: يرجح ما وافق مِن الدليلين قول الصحابي على ما لم يوافق؛ لِمَا ذكرناه في المرسل. هذا إذا لم ينتشر ويسكت الباقون عليه وإلا فهو إجماع سكوتي يُقدَّم قطعًا.


(١) صحيح البخاري (٥٥٣)، صحيح مسلم (٦٤٥)، ولفظ البخاري: (عن عائشة، قَالَتْ: "كُنَّ نِسَاءُ المُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ، لَا يَعْرِفُهُنَّ أحَدٌ مِنَ الغَلَسِ").
(٢) كذا في جميع النسخ، والصواب: (رافع) كما في رفع الحاجب (٤/ ٦٣٠)، تشنيف المسامع (٣/ ٥٣٢).
(٣) سنن الترمذي (١٥٤)، سنن النسائي (٥٤٨)، وغيرهما, ولفظ الترمذي: (عَنْ رَافِعِ بْنِ خديج، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ").

<<  <  ج: ص:  >  >>