لا يكون معدولًا به عن سَنَن القياس. وإذا لم يصح القياس فكيف يقع التعارض؟ فَبَيّنْتُ أن ذلك المشروط هناك ليس هو المراد هنا.
وقد يُراد هنا أيضًا أنْ يكون أحدهما على سَنَن القياس باتفاق، والآخَر على رأيٍ، فيرجح الذي باتفاق.
وكذا أنْ يكون أحدهما على سَنَن القياس قطعًا والآخَر ظنًّا، فيرجح ما كان قطعًا.
الثاني من مجال الترجيح:
أن يكون باعتبار العِلة، وذلك من وجوه:
أحدها: أن يكون مسلكها أقوى وقد سبق ترتيب مسالك العلة، أيْ: طُرُقها الدالة على العِلية، وهي: الإجماع، فالنص، فالظهور، إلى آخِر ما ذكرناه.
كذا نقل في "المحصول"، ثم قال: ويمكن أن يُقدَّم النص على الإجماع؛ لأنَّ الإجماع فرع عن النص يتوقف ثبوته على الأدلة القطعية، والأصل تقديم الفرع على عِلته.
وعلى ذلك جرى صاحب "الحاصل"، ثم البيضاوي.
نعم، إذا استوى النص والإجماع في القَطْع متنًا ودلالةً، كان ما دليله الإجماع راجحًا؛ لما ذكرناه. ودُونهما إذا كانا ظنيين بأنْ كان أحدهما نصًّا ظنيًّا والآخَر إجماعًا ظنيًّا، رجح أيضًا ما كان دليله الإجماع؛ لِمَا سبق من قبول النص النسخ أو التخصيص.
قال الصفي الهندي:(هذا صحيح بشرط التساوي في الدلالة، فإنِ اختلفا فالحق أنه يتبع فيه الاجتهاد، فما يكون إفادته للظن أكثر فهو أَوْلى. فإنَّ الإجماع وإن لم يَقبل النسخ والتخصيص لكن قد تَضْعُف دلالته على المطلوب بالنسبة إلى الدلالة القطعية، فقد ينجبر النقص بالزيادة، وقد لا ينجبر؛ فَيُتبع فيه الاجتهاد)(١).