للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيما يرجع إلى الأصل: أنْ يكون دليل أصله أقوى:

وتحته صور:

أحدها: أن يكون قطعيًّا، فيقدَّم على ما دليل أَصْله ظني. كقولنا في لعان الأخرس: إنَّ ما صَحَّ مِن الناطق صح من الأخرس، كاليمين. فإنه أرجح من قياسهم على شهادته؛ تعليلًا بأنه يفتقر إلى لفظ الشهادة؛ لأنَّ اليمين تصح من الأخرس بالإجماع، والإجماع قطعي. وأما جواز شهادته ففيه خلاف بين الفقهاء.

وثانيها: بقوة دليله؛ لأنه أغلب على الظن.

وثالثها: بكونه لم يُنسخ باتفاق. فإنَّ ما قيل بأنه منسوخ وإنْ كان القول به ضعيفًا ليس كالمتفق على أنه لم يُنسخ.

ورابعها: أن يقوم دليل خاص على تعليله وجواز القياس عليه، فأنه أَبْعَد عن التعبد.

وخامسها: أن يكون دليل أحدهما منطوقًا والآخَر مفهومًا، أو يكون دليل أحدهما عامًّا لم يُخص والآخَر عام قد خُص.

الثاني: أن يترجح أحد القياسين بكونه على سَنَن القياس دُون الآخَر.

والمراد بذلك هنا: أن يكون فرعه مِن جنس أصله كما صرح بذلك القاضي أبو الطيب والماوردي والشيخ أبو إسحاق الشيرازي وابن السمعاني وغيرهم.

وذلك كقياس ما دُون أرش الموضحة في تَحمُّل العاقلة إياه، فهو أَوْلَى من قياسهم ذلك على غرامات الأموال في إسقاط التحمل؛ لأنَّ الموضحة من جنس ما اختُلف فيه، فكان على سَنَنه؛ إذِ الجنس بالجنس أَشْبَه، كما يقال: قياس الطهارة على الطهارة أَوْلى مِن قياسها على ستر العورة.

وإنما تعرضتُ لشرح ذلك في النَّظم لِمَا سبق أن مِن شرط حُكم الأصل في القياس أن

<<  <  ج: ص:  >  >>