للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولي: (بِهَا) متعلق بِ "مُدْرك". و"الْعُلُومَ" مفعول مقدَّم، والتقدير: "مدرك صاحبها بها العلوم". وهو معنى مَن فسر العقل بأنه قوة طبيعية يفصل بها بين حقائق [المعلومات] (١).

وقيل: بل العقل نفس العلم. وهو قول الأشعري، وحكاه الأستاذ أبو إسحاق عن أهل الحق، وأنهم قالوا بِترادُف العِلم والعقل وإنِ اختلف الناس في العقول لكثرة العلوم وقِلَّتها.

وقيل: العقل بعض العلوم الضرورية. وهو قول القاضي أبي بكر، وبه قال جمعٌ مِن أصحابنا كابن الصباغ وسليم الرازي. فخرجت العلوم الكَسْبِيَّة؛ لأنَّ العاقل يتصف بكونه عاقلًا مع انتفاء العلوم النظرية. وإنما قالوا: (بعض العلوم الضرورية) لأنه لو كان جميعها لَوَجَب أنْ يكون الفاقد لِلعِلم بالمدركات -لِعَدم الإدراك [المعلّق] (٢) عليها- غيرَ عاقل.

قال القاضي عبد الوهاب: فقلتُ للقاضي أبي بكر: أفتخص هذا النوع من الضرورة بوصف؟ فقال: يمكن أن يقال: ما صح معه الاستنباط.

ونقل القشيري عنه في "المرشد" أنه قال: لا أُنكر ورود العقل في اللغة بمعنى العِلم، فإنهم يقولون: عقله وعلمه بمعنى. ولكن غرضي أن أُبَيِّن العقل الذي رُبِط به التكليف.

قلت: قال الماوردي في كتاب "أدب الدنيا والدين" بعد أن حكى أقوالًا في تعريفه -أحدها: إنه جوهر لطيف يفصل به بين حقائق المعلومات، وهؤلاء اختلفوا في محله: هل هو القلب؟ أو الرأس؟ وثانيها: العقل هو المدرك للأشياء على ما هي عليه مِن حقائق المعنى. وثالثها قول المتكلمين: هو جملة العلوم الضرورية- ما نَصه:


(١) كذا في (ق، ش)، لكن في سائر النسخ: العلوم.
(٢) في (ق): المتعلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>