للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُقَبِّحه، فإنَّ ذلك إنما هو رأي المعتزلة. وقد سبق أنه باطل لا يعتبر في الفقه ولا في غيره عند أهل السُّنة.

وقولي: (ذُو دَرَجَهْ وُسْطَى) إلى آخره -بيان أن فقيه النفس يُعتبر فيه معرفة الأدلة الرافعة للدليل العقلي الذي بَيَّنا أنه البراءة الأصلية، وذلك ما يَرِد من الكتاب والسُّنة وغيرهما مما يتفرع عنهما وما يتوقف الاستدلال بذلك عليه.

وأشرتُ بقولي: (وُسْطَى) أنه لا يُشترط أن يكون المجتهد عالي الدرجة في هذه الأمور، فإنها أمور واسعة لا يتسلط على مِثله غالبًا إلا مِثل الخليل والأصمعي وسيبويه والكسائي. أما الاستيعاب فلا يمكن كما قال الشافعي: إنه لا يحيط بها إلا نبي. وذلك أنه كله وسيلة إلى العمل من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية كما عُلِم ذلك من تفسير "الفقه"، فيكون في الدرجة الوسطى من معرفة لغة العرب؛ لأنَّ الكتاب والسُّنة عربيان.

وقولي: (وَعَرَبِيَّةٍ) من عطف العام على الخاص؛ لأنَّ العربية تشمل اللغة والنحو والتصريف ونحو ذلك.

وقولي: (كَذَا بَلَاغَةٌ) أي: كذلك عِلم البلاغة، وهو المعاني والبيان والبديع، لأنه وإن كان داخلًا في عِلم العربية إلا [أني] (١) أردتُ [التصريح] (٢) به؛ لئلَّا يُظَن خروجه عنها.

وإنما اعتبر ذلك؛ لأنَّ الكتاب والسُّنة في الذروة العُليا من الاعجاز، [فلا بُدَّ] (٣) من معرفة طُرق الاعجاز وأساليبه ومواقعه؛ ليتمكن من [الاستنباط] (٤). فيكفي معرفة أوضاع


(١) كذا في (ت)، لكن في سائر النسخ: ان.
(٢) كذا في (ق)، لكن في (ش): التعريف. وفي سائر النسخ: النوع.
(٣) كذا في (ق، ش)، لكن في سائر النسخ: فذلك.
(٤) في (ق): الاستنباط ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>