للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الأبياري في "شرح البرهان": إن كانت المسألة مما يتعلق بالآثار والتوقيف واللفظ اللغوي وليس للقياس فيها مجال فلا يصح أن ينعقد الإجماع دُونهم إلا على قول مَن يرى أنَّ الاجتهاد قضية واحدة لا تتجزأ. فإنْ قُلنا بالتجزيء فلا يمتنع أن يقع النظر في نوع هُم فيه محققون.

وقولي: (وفَسَّرُوهُ إذْ بَهَا) هو بفتح الباء مِن "بَها"، وهو فِعل ماضٍ من "البهاء" وهو العُلو. أي: فسروا فقيه النفس عندما يكون بهيًّا عالي المرتبة بذلك بأنه العارف بالدليل العقلي في الأحكام، وهو البراءة الأصلية كما قاله الإمام والغزالي، والعارف بأنه مكلَّف به حتى يَرِد دليل ناقل عنه مِن نَص أو إجماع أو غيرهما.

قال الهندي: (ولم يذكرا فيه القياس، فإنْ كان ذلك لِتفرُّعه عن الكتاب والسُّنة فينبغي أن لا يذكر الإجماع و [العقلي] (١) -وهو البراءة الأصلية- وإنْ كان لأنه ليس بمدْرَك فيشكل عليهما أنه حُجة كغيره مِن الحجج. فينبغي أن يكون المجتهد عارفًا به أيضًا وبأنواعه وأقسامه وشرائطه المعتبرة وطُرق عِليته) (٢).

قلت: وذلك أن الفقه لما كان معرفة الحكم الشرعي مِن دليله التفصيلي وكان ذلك الدليل التفصيلي لا يخرج عن هذين الدليلين: العقلي، وما يأتي من النقل مُزِيلًا له كما سيأتي تفصيله مِن بَعْد، اعتُبِر ذلك في فقيه النفس.

وقولي: (بِالْحَقِّ في التَّأْصِيلِ) إشارة إلى أن العقل هو ما سبق في تفسيره، فإنه هو الحق في تأصيله، [أيْ] (٣): جعله أصلًا من أصول الفقه لا أن المراد بالعقلي ما يُحَسِّنه العقل أو


(١) كذا في (ق)، لكن في سائر النسخ: العقل.
(٢) نهاية الوصول (٨/ ٣٨٢٨).
(٣) كذا في (ش، س)، لكن في سائر النسخ: ان.

<<  <  ج: ص:  >  >>