للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أطلق النقل عنهما بما يشمل الكفار وغيرهم، ومنهم مَن قال: إنهما قالا ذلك بشرط إسلام المجتهد. وهذا هو اللائق بهما.

وفي "مختصر التقريب" للقاضي أن ذلك أشهر الروايتين عن [العنبري] (١).

ونقل ابن قتيبة عنه أنه سئل عن أهل القدر وأهل الجبر فقال: إنَّ كُلًّا منهما مصيب؛ لأنَّ هؤلاء قوم عظَّموا الله، وهؤلاء قوم نَزَّهوا الله.

وقال إلْكِيَا: إنَّ العنبري كان يذهب إلى أنَّ المصيب في العقليات واحد، ولكن ما تعلق بتصديق الرسل وإثبات حدث العالم وإثبات الصانع فالمخطئ فيه غير معذور، وأما ما يتعلق بالقدر والجبر وإثبات الجهة ونفيها فالمخطئ فيه معذور وإنْ كان مبطلًا في اعتقاده بعد الموافقة في تصديق الرسل والتزام الملة. وبَنَى على ذلك أن الخلق ما كُلِّفُوا إلا اعتقاد تعظيم الله وتنزيهه مِن وجه؛ ولذلك لم تبحث الصحابة - رضي الله عنهم - عن معنى الألفاظ الموهمة للتشبيه؛ عِلْمًا منهم بأنَّ اعتقادها لا يَجُر حرجا.

واعْلَم أنه يلتحق بهذا القسم ما لم يكن عقليًّا ولكن دليله قاطع، فإن المصيب فيها واحد بالإجماع كما سأذكره مِن بَعد وإنْ لم أصرح بالمسألة في النَّظم؛ لاندراجها في العقلي؛ لأنَّا قد قلنا: إنَّ العقلي أَعَم مِن أنْ يكون محضًا أو شرعيًّا مستندًا إلى أصلٍ دليله [العقل] (٢). فغاية الذي لا يكون عقليًّا وفِيه قاطع أنْ يعود إلى شرعي مستنِد لأصلٍ ثابتٍ بالعقل.

قولي: (إذَا يُجَاوِرُ) أي: يجاور العدول عن الحق. والله أعلم.


(١) في بعض النسخ: القشيري.
(٢) كذا في (ص، ق، ض)، لكن في (س، ت، ش): العقلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>