هذا هو القسم الثاني، أي: غير العقلي، وهي المسائل التي ليست أصلًا من أصول الشرح المجمَع عليها وليس فيها دليلٌ قاطعٌ. فهذا فيه مذاهب:
أحدها: وبه قال الأشعري والقاضي أبو بكر وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن سريج: أنَّ كل مجتهد مصيب.
ثم اختلفوا، فقال الأشعري والقاضي: حُكم الله تاج لِظَن المجتهد، فكُل ما ظنه هو حُكم الله في حَقِّه.
وقال الثلاثة الآخرون على ما هو الأَشْهَر عن ابن سريج: إنَّ في كلِّ حادثةٍ ما لو حَكم الله لم يحكم إلا به. وربما عبَّروا عن ذلك بانَّ المجتهد في ذلك مخطئ في الانتهاء، لا في الابتداء.
الثاني: قول الجمهور وهو الراجح: المصيب واحد.
وقال ابن السمعاني في "القواطع": (إنه ظاهر مذهب الشافعي، ومَن حَكى عنه غيره فقد أخطأ)(١).
ولله تعالى في كل واقعة حُكم سابق على اجتهاد المجتهدين وفِكر الناظرين.