يجوز أنْ يقلد غيره في حادثة أخرى، ولا يتعين عليه إذا أفتاه فأخذ بقوله في مسألة أنْ يأخذ بِقَوله في كل شيء. هذا هو المختار في "مختصر ابن الحاجب" وغيره.
وقيل: ليس له أنْ يقلد غيره في غير ذلك أيضًا.
وقيل: يجوز في عصر الصحابة والتابعين، ولا يجوز في عصر غيرهم مِن الأعصار التي تَقررت فيها المذاهب.
الثالثة:
هل يجب على العامي العاجز عن الاجتهاد أن ينتحل مذهبًا معيَّنًا من المذاهب التي قد تَقررت، لا يخرج عنه في سائر الأحكام، بل يكون مقلدًا لذلك الإمام دائمًا؟
فيه وجهان، حكاهما ابن برهان:
أحدهما: لا. فَعَلَى هذا: هل له تقليد مَن شاء؟ أو يبحث عن أشد المذاهب؟ فيه وجهان كالبحث عن الأهلية.
الثاني: وبه قطع إلْكِيَا أنَّه يجب عليه. فَعَلَى هذا يَلزمه أنْ يختار مذهبًا يقلده في كل شيء، وليس له التمذهب بمجرد التشهي.
قال النووي رحمه الله:(هذا كلام الأصحاب، والذي يقتضيه الدليل أنَّه لا يَلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي مَن شاء، لكن مِن غَيْر تَلَقُّط لِلرُّخَص، وَلَعَلَّ مَن منعه لَمْ يثق بعدم تَلَقُّطه)(١).
وقال الهندي: (يجري في هذه المسألة الخلاف السابق في التي قبلها بالترتيب. فإنْ قُلنا: لا