وجودُ الواجب؛ فينبغي أنْ يُقَال في التقسيم: إمَّا أنْ يتوقف عليه وجودُ الواجبِ بواسطةٍ أو بِغَيْر واسطة.
وقولي:(شَرْعِيًّا أَوْ عَقْلِيًّا أَوْ عَادِيًّا) بيانٌ لأقسام المقدمة المتوقَّف عليها، وقد سبق أنَّ محل النزاع في وجوب المقدمة محصور في السبب والشرط، وكُل منهما إمَّا شرعي أو عقلي أو عادي، فهذه ستة أقسام.
مثال السبب الشرعي: صيغة العتق في الواجب مِن كفارة أو نذر، وكذا صيغة الطلاق حيث وجب، كأمر والدِ الزوج به (على المعتمد في الفتوى).
ومثال السبب العقلي: النظر الموصل للعِلم.
ومثال السبب العادي: السَّيْر للحج على ما سبق في تقريره.
ومثال الشرط الشرعي: الطهارة للصلاة.
ومثال الشرط العقلي: ترك أضداد المأمور به.
ومثال الشرط العادي: غسل الزائد على حَدِّ الوجه في غسل الوجه، لِيتحقق غسْلُ جميعُه، وهو معنى قولي:(وَالْغسْلِ لِفَوْقِ الْحَدِّ).
وفي البيت الذي بَعْده:(للوجه) فاللام الأُولى زائدة لتقوية العامل؛ لِكونه فرعًا في العمل " لأنَّ المصدر فرعٌ عن الفعل في ذلك، واللام الثانية للعِلة، أَيْ: لِأَجْل الوجه، أَيْ: لأجل تَحقُّق غسل الوجه.
وهذا القول بوجوب هذه الأقسام الستة هو المرجَّح عند الأصوليين، وهو قول الإمامِ وأتباعِه والآمدي، وبه جزم سليم في "التقريب".
لكن اختُلِف في كَوْن وجوب المقدمة مُتَلَقًّى مِن نَفْس صيغة الأمر بالأصل، أو مِن دلالة الصيغة: قولان، الثاني منهما قول الجمهور. قال ابن بَرهان: لأنَّ المتلقَّى مِن الصيغة ما