عليها وجوده شرعًا أو عَقْلًا أو عادة كما سيأتي بيانه في تقسيم المتوقَّف عليه، وإمَّا أنْ يتوقف عليها العِلم بوجود الواجب لالتباسه بِغَيْره حادثًا أو أصلًا، لا نَفْس وجوده، كَمَن نسي صلاةً مِن خَمسٍ، لا يتحقق العِلم بأنه صَلَّى ما عليه حتى يُصَلِّي الخمس، وكَستْر شيء مِن الركبة مع أنها ليست بِعَوْرة (على الأصح)؛ لأجل ستر الفخذ الذي هو عورة (على الأصح في الرجُل، وأمَّا المرأة فَقَطْعًا).
ومن أمثلة ذلك: ما لو اختلطت المنكوحة بالأجنبية، فإنه يجب الكَفُّ عنهما، وكذا لو طَلَّق إحداهما لا بِعَيْنها، أو بِعَيْنها ولكن نَسى.
نَعَم، وقع اضطراب في فروع لهذا المدرك كمسح الزائد -في الرأس- على ما ينطلق عليه الاسم مِن المسح على قول الشافعي:(إنَّ الواجب مسح بعض الرأس)، فهل يكون الزائد واجبًا لكونه لا يتميز؟ أو يمكن التميز فيكون الزائد سُنة؟
وكذا الزائد في البعير في الزكاة المخرج عَمَّا دُون خمس وعشرين مِن الإبل التي واجبها في كل خَمسٍ شاة حتى لو أخرجه عن خمس يكون أربعة أخماسه سُنَّة. وكذا الزائد في البدنة المذبوحة عن الشاة أو الثنتين إلى ستة إذا وجبت الشاة مثلًا في تمتُّعٍ أو أُضحيةٍ أو نَذْرٍ. وكذا الواقع في الحلق الواجب في النسك، والزائد في تطويل أركان الصلاة على القَدْر المُجْزِئ في قيام أو ركوع أو سجود أو نحو ذلك مما ليس بعضه بالوجوب أَوْلَى مِن بَعْض مما هو مبسوط في الفقه.
ولَكَ أنْ تقول: هذا القِسم أيضًا يتوقف عليه [الوجود](١)، فيتحد مع ما قَبْله؛ لأنَّ الماهية تنتفي بانتفاء شرطها، والعِلم بوجود المأمور به شرطٌ فيه؛ فتنتفي الماهية بانتفائه، فَقَدْ توقف الوجود على ذلك لكن بواسطة توقُّف الواجبُ على العِلم، والعِلم على فِعل يُتَيَقَّن به