للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يجتمع معه الوجوب إلا القدرة والداعية، وتقديره أنَّ الإيجاب لا يتوقف على القدرة والداعية ولو قيل بِمَنع تكليف ما لا يُطاق وكأنَّ ذلك لانتفاء السر في تكليف ما لا يُطاق، وهو الاختبار والامتحان فيه دُون المقدمة، فَتَنبَه لذلك؛ فإنه مِن المهِمَّات) (١). انتهى.

وحاصله منع أنَّ "المقدمة إذا لم تكن مقدورة، لا [يُكَلَّف] (٢) بالأصل الذي هو غَيْر مقدور"، لافتراقهما في المعنى المذكور.

تنبيه:

قد سبق أنَّ الأمرَ بالماهية أمرٌ بكل جزء منها بلا خلاف، وحينئذ فيشترط أنْ يكون مقدورًا له قطعًا؛ لحديث: "إذَا أمرتكم بأمر، فَأْتوا منه ما استطعتم" (٣).

نَعَم، إذا سقط وجوب البعض المعجوز، هل يبقى وجوب الباقي المقدور؟ قاعدة الشافعي في الأصل البقاء؛ للحديث الموافق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، ويُعَبَّر عن القاعدة بأنَّ "الميسُور لا يسقط بالمعسُور"، كوجوب القيام على مَن عجز عن الركوع والسجود لِعِلَّة في ظَهْره مَثَلًا، وواجِد بعض ما يكفيه لطهارته وبعض ما يجب من الفطرة، وغير ذلك، إمَّا بالقطع أو على الراجح، وإنْ خرج عن القاعدة فروع سقط فيها وجوب الباقي إما قَطْعًا أو على الراجح فإنَّ ذلك لِمَدارك فقهية مَحَلُّها الفقه، لكن سنذكرها ونذكر طَرَفًا مِن الفروع في أواخر الكتاب في الكلام على القواعد المَبْنِي عليها فقه الشافعي - رضي الله عنه -.

وقولي: (سواء وَقَفَا) إلى آخِره -بيان لجهة التوقف على المقدمة، وذلك إمَّا أنْ يتوقف


(١) الإبهاج في شرح المنهاج (١/ ١٠٣).
(٢) كذا في (ص)، لكن في (ز): تكليف.
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٦٨٥٨)، صحيح مسلم (رقم: ١٣٣٧)، واللفظ للبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>