للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومنها: لو فرضنا جميع الأفعال دائرةً، والأفعال المباحة خُمْسُها، فإذَا حصل الفعل المتلبس به فهو [مركز] (١) الدائرة، وإذا كان مباحًا بالذات الذي أقر الكعبي به، حصل للفعل المذكور نسبَةٌ إلى كل خُمسٍ مِن أجزاء الدائرة، والفرضُ أنه مباحٌ؛ فتساقطت النِّسَبُ [الخمسة] (٢)، وبقيت الإباحة الذاتية، وهو قريب مما قَبْله.

قُلتُ: ويمكن التخلص بغير ذلك كُله، وهو منع مقدمته الصغرى باستناد لأمرٍ آخَر، وهو أنَّ الكَفَّ عن الحرام الذي هو مناط التكليف في النَّهي -على الأرجح كما سبق- فِعلٌ مغاير لسائر الأفعال الوجودية التي هي ضد الحرام، فهو أخص مِن عَدَم فِعل الحرام؛ لاحتياج الكف لِقَصْد، فإذا لم يوجد، فلا يكون آتيًا بواجب، ولهذا لا يُثاب؛ لانتفاء الفعل الذي هو الكف.

وإذا تَقَرر ذلك، فاجتماع الترك وما يُفْرَض مِن فِعل مباح أو مندوب أو غيرهما اجتماع اتفاقي لا على وَجْه اللزوم؛ لأنَّ كُلًّا مِن فِعل المباح وغيره يفرض ولا تَرْكَ موجود على الوجه الذي قررناه أنه أخص مِن انتفاء الحرام، فالكف هو الموصوفُ بالوجوب، لا ما يقارنه مِن الفعل المباح أو غيره. فإنْ لم يستحضر الحرام ولا كف، فهذا ليس مكلفًا بشيء مِن أضداد الحرام، بل يُكْتَفَى فيه بالانتفاء الأصلي، وهذا أَحْسَن ما يُحَقَّق به هذا الموضع مِن فتح الله عَزَّ وَجَلَّ، فلله الحمد والمنة.

وقولي: (كَشَغْلِ غَصْبٍ بِصَلَاةٍ دَيْنٍ) أَيْ: بالصلاة التي هي عليه دَيْن واجب [عليه] (٣)، أَيْ: حتى يجتمع فيها الوجوب والتحريم، وحينئذ فيُقرأ بتنوين "صلاة"،


(١) في (ق): من مركز.
(٢) كذا في (ص، ز، ض، ش). لكن في (ق، ت): الخمس.
(٣) ليس في (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>