للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: ولا مخلص مما قاله الكعبي إلَّا بمنع إيجاب المقدمة وهي إحدى القاعدتين السابقتين، أَيْ: أو بمنع الأخرى وإنْ لم يتعرضوا لذلك؛ إمَّا لِكَوْن منع الأُولى يَلزم منه منعُ الأخرى، أو لكونها ممنوعة في نفسها كما قال إمام الحرمين: إنَّ مَن مَنَع أنَّ النهي عن الشيء أَمرٌ بأحد أضداده يقول: لو قُلتُ بذلك، لَزِمَني القول بمسألة الكعبي.

أمَّا إذا قُلنا بالقاعدتين، فلا سبيل إلى مخالفة الكعبي، غايته أنْ يَكون للشيء جهتان، ولا يمتنع ذلك، كالصلاة في المغصوب، وإنما يبقى الاعتراض عليهم في تعيين المباح، وبأنه يلزم أنْ يكون الحرامُ المفروض به ترك حرام آخر واجبًا، وهو ممتنع.

ولكن لهم أنْ يجيبوا عن الأول: بأنهم لم يحصروا، بل فرضوا ذلك مثالًا؛ لِكوْنه أوضح؛ لأنه ليس داخلًا في الاقتضاء أصلًا.

وعن الثاني: بأنَّ ذلك مِن جهتين، ولا يمتنع، كالصلاة في الدار المغصوبة، ونحو ذلك.

وقال الآمدي بَعْد زَعْمه أنَّ كلام الكعبي صحيح على ما سبق: (عَسَى أنْ يَكون عند غَيْري حَل هذا الإشكال) (١).

وحاول بعض المتأخرين الجواب بأمور أخرى:

منها: أنَّ الذي يُفرض له جهتان إنما هو في العقل دُون الخارج؛ إذِ الفعل الواحد في الخارج لا يكون واجبًا مباحًا ولا واجبًا حرامًا؛ إذِ الماهية لا تتقوم بفصلين أو فصول [متعاندة] (٢).

ومنها: أنَّ الفعل كما يَلزم أنْ يَكون تركًا للحرام يَلزم أنْ يَكون تركًا للواجب وتركًا للمندوب، ونحو ذلك، واللوازم إذا تعارضت، تساقطت؛ فيبقى أصل المباح.


(١) الإحكام للآمدي (١/ ١٦٩).
(٢) كذا في (ص، ض، ق، ت، ش). لكن في (ز): متغايرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>