للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باعتبار المُنزل الدال على القديم الذي هو: مقروءٌ بالألسنة، محفوظٌ في الصدور، مسموعٌ بالآذان، مكتوبٌ في المصاحف، المَعْنِي بقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [المائدة: ٦] , وقوله تعالى {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨)} [الواقعة: ٧٧ - ٧٨] , وقوله تعالى {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: ١٠٦] , وقوله تعالى {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: ١٠٦] وقوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] , إلى غير ذلك مِن الآيات، وكذا الأحاديث.

فالأول هو محل نَظَر المتكلمين؛ لأنه صفة مِن صفاته عَزَّ وَجَلَّ.

الثاني هو مَحَل نَظَر الفقهاء والأصوليين وسائر خدمَة الألفاظ مِن المفسرين والنُّحاة والتصريفيين واللُّغَويين والبيانيين ونحوهم، وهو المرادُ هنا بالتعريف المذكور، وهو أنه: قولٌ مُنزلٌ على سيدنا محمَّد عليه الأفضل من الصلاة والسلام، مُعْجِزٌ، مُتَعَبَّدٌ بتلاوته.

فَـ "قَوْلٌ" جنس، وهو أحسن مِن التعبير بِـ "لفظ"؛ لأنَّ القول أَخَص، فهو جنس قريب، ولم أَقُل فيه: "القول"؛ لأنَّ الحقيقة لا يؤتى فيها بِدَالٍّ على كمية كما سبق تقريرُه مراتٍ.

وما بَعْده فهو الفصل المخرِجُ لِغَيره، فخرج بِقَيدِ كَوْنه مُنزلًا الكلامُ النفساني، وكذلك ألفاظ الناس وغيرهم مما لم ينزل.

فإنْ قِيل: ما معنى إنزال القول مع كَوْنه لا يوصَف بحركة ولا نزول لِكَوْنه عَرضًا والنزول للأجسام؛ لأنه إمَّا بمعنى التحرك مِن عُلو إلى سفل [كنزول] (١) المطر، وإمَّا بمعنى الحلول في الشيء [كنزول] (٢) الجيش البلد؟

قِيل: هو مؤوَّل على أنَّ المَلَك لَمَّا تَلَقَّى مِن الله سبحانه وتعالى ما يدل على كلامه


(١) كذا في (ز، ش). لكن في (ص، ض، ق، ت): كنزل.
(٢) كذا في (ز، ش). لكن في (ص، ض، ق، ت): كنزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>