للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القديم [بأنْ] (١) [تَلَقَّفَه تلقُّفًا] (٢) روحانيًّا على الوجه المعلوم عند الله تعالى، أو تَلقَّاه مِن اللوح المحفوظ على ما قاله بعضُهم، ونزل فتلقَّاه منه الأنبياء على الوجه المفصَّل في الوحي وبيان أنواعه، جُعِل كأنَّ القول أُنْزِل كما قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٣]. وهذا القَدْر كافٍ في تقرير هذه المسألة وإنْ كانت طويلةَ الذيلِ، مبسوطةً في محلها مِن أصول الدِّين.

وخرج يكون الإنزال على محمَّد - صلى الله عليه وسلم -: ما أُنزل على غيره، كتوراة موسى، وإنجيل عيسَى، وزبور داود، وصحف شيث وإبراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام. وفي حديث أبي ذر فيما رواه ابن حبان وغيره: "إنَّ الله تعالى أنزل مائةً وأربعةَ كتب" (٣).

وخرج بكونه أُنزل للإعجاز: السُّنةُ، فإنها وإنْ كانت مُنزلة وربما كانت معجزة أيضًا لكن لم يُقصَد بإنزالها الإعجاز.

وإنما قُلنا: إنَّ السُّنة مُنزلةٌ؛ لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٢ - ٣] , كما قرر ذلك الشافعي في "الرسالة" في غير ما موضع. وقال في باب "ما أبان الله مِن فرضه لخلقه" وفي باب "ما فرض اللهُ في كتابه من اتِّباع سُنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - " أنَّ المرادَ بالحكمة في قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: ١١٣] وقوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} [البقرة: ٢٣١] وقوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤] ونحو ذلك - السُّنةُ.


(١) كذا في (ق، ت). لكن في (ص، ض، ز، ش): ان.
(٢) في (ش): تلقيه تلقيا.
(٣) صحيح ابن حبان (رقم: ٣٦١). قال الألباني: ضعيف جدًّا. (التعليقات الحسان، ١/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>