للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حد: {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] بالخفض.

والمراد أنَّ التقرير إذا دَلَّ على الإباحة لا يَختص بمن قُرِّر، بل يعُم سائر المكلفين على الأظهر الذي اختاره إمامُ الحرمين والماوردي ونقله عن الجمهور؛ لأنَّ خطاب الواحد خطاب للجميع.

وذهب القاضي إلى أنه يختص؛ لأنَّ التقرير ليس له صيغة تَعُم.

وعلى القول الأول: إذَا تَقدم عمومُ تحريمٍ، كان التقريرُ ناسخًا ما لم يقم دليل على خصوصية المقَرَّر به أو [تعديه] (١) إلى مَن فيه ذلك المعنى، فيلحق به قياسًا، وإلَّا لم يلحق به؛ فيكون تخصيصًا للعام. وقد نَصَّ الشافعي (رحمه الله) على أنَّ تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة قِيامًا خَلْفه وهو جالسٌ - ناسخٌ لأمره السابق بالقعود كما أوضحت ذلك في "شرح العمدة" مبسوطًا.

وقولي: (مَا لَمْ يَكُنْ دَاعٍ عَلَى تَقْرِيرهِ) إشارة إلى ما سبق من الشروط.

ويُعْلم مِن إطلاق المسألة أنه لا فرق بين أنْ يكون تقريره مع استبشاره بذلك الفعل أوْ لا، إلا أنه مع الاستبشار أبْلغ؛ ولذلك تمسك الشافعي رحمه الله في قبول قول القائف في إلحاق النَّسَب يقول مُجَزِّز المدلجي وقد بدت له أقدام زيد وأسامة: "إنَّ هذه الأقدام بعضها مِن بعض"، فدخل على عائشة - رضي الله عنها - أسارير وَجْهه وقال: "ألَمْ تري إلى قول مجَزِّز؟ " (٢) الحديث؛ لأنه لا يُسَر إلا بفعل حَسَن.

وقد سُئل في ذلك سؤال، وهو أنه يحتمل أنهم لَمَّا كانوا [معتقدين] (٣) القيافة عاملين


(١) كذا في (ز) وبه يستقيم المعنى، لكن في (ص، ض، ق، ت، ش): بعدمه.
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٦٣٨٨)، صحيح مسلم (رقم: ١٤٥٩).
(٣) في (ش): يعتقدون.

<<  <  ج: ص:  >  >>