للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنسيان في الأقوال البلاغية، وخصَّ الخلاف بالأفعال وأنَّ الأكثرين على الامتناع، وتأوَّلوا الأحاديث الواردة في سهو النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يقصد به ذلك للتشريع، كما في حديث: "ولكن أُنسَّى؛ لأَسُنَّ" (١).

ومنهم مَن يُعَبر في هذا بأنه تعمد ذلك ليقع النسيان [منه] (٢) بالفعل، ولكنه خطأ لتصريحه عليه السلام بالنسيان في قوله: "إنما أنا بَشَرٌ أَنْسَى كما تنسون، فإذَا نسيتُ، فذكِّروني" (٣).

ولأنَّ الأفعال العمدية تُبْطل الصلاة، والبيان كافٍ بالقول، فلا ضرورة إلى الفعل.

وحيث قِيل بالجواز فالشرط - بالاتفاق - أنْ لا يُقَرُّ أحدُهم عليه فيما طريقُه البلاغ.

الثالث: يحوز الإغماء على الأنبياء؛ لأن مرض، ونقل القاضي الحسين في تعليقه في كتاب الصيام عن الداركي أنه يجوز ساعة وساعتين، لا شهرًا وشهرين؛ فإنه يصير كالجنون؛ فلا يجوز.

وقولي: (بَلْ لَيْسَ في أَفْعَالِهِم مَكْرُوهُ)، معناه أنَّ المكروه لا يقع أيضًا مِن الأنبياء عليهم السلام؛ لأنَّ التأسِّي بهم مطلوب، فيلزم أنْ يُتَأسَّى بهم فيه؛ فيكون جائزًا. وأيضًا فإنهم أَكْمل الخلْق ولهم أعْلَى الدرجات؛ فلا يلائم أنْ يقع منهم ما نهى الله عنه ولو نهي تنزيه، فإنَّ الشيء الحقير مِن الكبير أمرٌ عظيم.

ويُقَرر ذلك بأمر آخر، وهو أنه لا يُتصور أنْ يقع منهم ذلك مع كَوْنه مكروهًا، قال ابن


(١) ذُكر في (موطأ مالك، رقم: ٢٢٥) رواية يحيى الليثي بغير إسناد، بلفظ: "إِنَّي لأَنْسَى أو أُنسَّى؛ لأَسُنَّ". قال الألباني: باطل؛ لا أصل له. (السلسلة الضعيفة: ١٠١).
(٢) كذا في (ش). لكن في (ص، ز، ض، ق، ت): فيه.
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٣٩٢)، صحيح مسلم (رقم: ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>