نتكلم به إلَّا في محله مِن قرآن وسُنة. هذا هو الذي أعتقده وأتقرب إلى الله تعالى به، وممن جرى على ذلك شيخنا شيخ الإِسلام أبو حفص البُلقيني - رحمه الله تعالى - وغيرُه مِن شيوخنا، وكذلك الشيخ تقي الدين السبكي وولده في "جمع الجوامع"، والحمد لله.
تنبيهات
أحدها: اختُلف في معنى "العصمة"، فقيل: أنْ لا يمكنه فِعل المعصية. وقيل: يمكن ولكن تُصرف دواعيهم عنها بما يلهمهم إياه مِن ترغيب وترهيب.
وقال التلمساني:"العصمة" عند الأشعرية تهيئة العبد للموافقة مُطلقًا، وذلك راجع إلى خلقه القُدرة على كل طاعة، فإذَنْ العصمة توفيقٌ عامٌّ.
وقالت المعتزلة: خلْق ألطاف تقرب إلى الطاعة. ولم يَرُدُّوها للقدرة؛ لأنَّ القدرة عندهم على الشيء صالحة لِضِده.
قال القاضي أبو بكر: لا تُطلق "العصمة" في غير الأنبياء والملائكة. أَيْ: إلَّا بقرينة إرادة معناها اللُّغوي وهو السلامة مِن الشيء، ولهذا قال الشافعي [- رضي الله عنه -](١) في "الرسالة": (وأسأله العصمة). وجرى على ذلك كثير من العلماء.
والحاصل أنَّ السلامة أَعَم مِن وجوب السلامة، فقد توجد السلامة في غير النبي والملَك اتفاقًا، لا وجوبًا.
الثاني: مما يدخل في اعتقاد العصمة مطلقًا امتناع وقوع الذنب نسيانًا كما صرح به الأستاذ أبو إسحاق وكثير مِن الأئمة. وكذا حكى القاضي عياض الإجماع على امتناع السهو