للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عصمتهم فيهما ولو في حال الغضب، بل يستدل (١) بشدة غضبه - صلى الله عليه وسلم - على تحريم ذلك الشيء، وكذا في سائر أفعالهم وسِيَرهم.

فقدْ قال بِعصمتهم مِن الصغائر والكبائر مُطلقَا الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني، ووافقه إمام الحرمين في "الإرشاد" على منع تصوُّرها منهم وإنْ خالف في موضعٍ في تَصوُّر الصغائر مع أنها لم تقع.

وممن نَفَى ذلك كُله عنهم أيضًا القاضي عياض، وأبو بكر بن مجاهد وابن فورك كما نقله محنهما ابن حزم في "الملل والنحل" وقال إنه الذي يدين الله به، واختاره ابنُ بَرهان في "الأوسط"، ونقله في "الوجيز" عن اتفاق المحققين، وحكاه النووي في "زوائد الروضة" عن المحققين.

وقال القاضي حسين في أول الشهادات من تعليقه: إنه الصحيح مِن مذهب أصحابنا. وهو قول أبي الفتح الشهرستاني والقاضي أبي محمَّد بن عطية المفسر عند قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: ١٢٨] , وعبارته: (الذي أقول: إنهم معصومون مِن الجميع، وأن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأتُوب في اليوم وأستغفر سبعين مرَّة" (٢) إنما هو رجوعه من حالةٍ إلى أرفع منها؛ لتزيد علومُه واطلاعُه على أمر الله، فهو يتوب مِن المنزلة الأولى إلى الأخرى، والتوبة هنا لُغويَّة) (٣). انتهى

قلتُ: فذكر ذلك للتشريع للأُمة وتعليمهم هضم أنفسهم واعتقادهم التقصير، وكُل ما وَرَد مِن لفظ "العصيان" ونحوه في حق أحدٍ منهم فإنه مؤوَّل بذلك وما شابهه، ولبس لنا أنْ


(١) هنا ينتهي الجزء الساقط من (ت).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٥٩٤٨) بلفظ: "أكثر من سبعين مرة".
(٣) المحرر الوجيز (١/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>