للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قولي: (أَوْ خَصَّهُ اللهُ بِهِ؛ أَجَلَّهْ) فيحتمل جُملة "أَجَلَّه" أنْ يكون حالًا، أيْ: مُجِلًّا له بذلك، ويحتمل الدعاء، أيْ: أَجَلَّه الله، كما يقول: صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم.

فإذَا دَلَّ دليلٌ على اختصاصه به، فلا سبيل إلى التأسِّي به فيه؛ لئلَّا يفوت معنى الخصوصية، وذلك كوجوب المشاورة في الأمر، وتخيير نسائه في مقامهن في عصمة نكاحه، وإباحة الوصال في الصوم، وصَفي المغنم، والزيادة في النكاح على أربع، ونحو ذلك مما بَسَطه الفقهاء في كتاب النكاح وغيره وقَسَّموه أقسامًا مشهورة.

نَعَم، لإمام الحرمين تَوقُّفٌ في هذا أنه هل يُشرع التأسي به فيه؟ أَوْ لَا؛ لعدم ورود تأسي الصحابة؟ وتابعه على ذلك أبو نصر بن القُشَيري، وأبو عبد الله المازري.

قال أبو شامة في [كتابه] (١) "المحقق مِن عِلم الأُصول فيما يتعلق بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ": (ليس لأحد التشبه به في المباح مِن خصائصه، كالزيادة على أربع، ويستحب التشبه به في الواجب عليه، كالضحى، والتنزه عن المحرَّم، كأكل ما له ريح كريه، وطلاق مَن تُكره صحبته).

وقال: (هذا [تفضيل] (٢) حسن لا نزاع فيه لمن فهم الفقه وقواعده).

قال: (ولعل الإِمام ومَن وافقه عَنوا بكونه "لم يُنقل عن الصحابة أنهم فعلوه" أَيْ: لمجرد الاقتداء أو التأسي، بل لأدلة منفصلة) (٣).

قلتُ: ولا ينافي هذا كوْنه خصوصية؛ لأنَّ التشبه في أصل الفعل أو في التَّرْك ليس فيه تشبُّه به في وصْف الفعل والترك، فلم يقع مساواة، إلَّا أنْ يُعْتَقَد أنه مِثله في الوجوب


(١) كذا في (ز، ش). لكن في (ص، ظ، ض، ق، ت): كتاب.
(٢) كذا في (ص، ق، ت، ض، ش). لكن في (ز، ظ): التفصيل.
(٣) المحقق من علم الأصول (ص ٢٠٤ - ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>