للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستُشكِل بأنه كيف يجري قولٌ بالإباحة مع قَصْد القُربة؟ ! فبَيْن الترجيح واستواء الطرفين تنافٍ.

وقد يجاب بأنه بيَّن للأُمة جواز الإقدام عليه بالفعل، فقَصْده القُربة مع كَوْن الفعل مباحًا.

قلتُ: وفيه نَظَر؛ لأنَّ الكلام في قَصْد القُربة بالفعل مِن حيث هو, لا مِن حيث كَوْنه بيانًا للشرع.

وقولي: (ومِثْلُهُ أُمَّتُهُ [تُرَتَّبُ]) (١) إلى آخِره - أَيْ: ما سبق في حُكم فِعله - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة إليه، وأمَّا بالنسبة للأُمة فحُكمهم مُرَتَّبٌ على حُكمه إلَّا فيما يُستثنى.

فإنْ كان الفعل واجبًا عليه، فَهُم كذلك، أو مندوبًا أو مباحًا فكذلك؛ للآيات والأحاديث الواردة بإطلاق الأمر بالاتِّباع والتأسِّي عمومًا وخصوصًا (نحو: "صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي" (٢). أخرجه الشيخان، وقوله يوم النحر وهو على راحلته: "خُذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لَعَلِّي لا أَحج بَعْد حجَّتي هذه" (٣). رواه مسلم، وغير ذلك مما لا ينحصر)، ولمَا أَشَرْتُ إليه مِن المعنى (وهو عموم شَرْعِه لكل أحدٍ) بِقَولي: (فَأَصْلُ شَرْعِهِ عُمُومُ الْكُلِّ).

وقولي: (لَا في الَّذِي خُصَّ وَلَا الْجِبِلِّي) استثناءٌ مِن قولي: (ومثْلُهُ أُمَّته [تُرَتَّبُ]) (٤). أَيْ: يُستثنى مِن اتِّباع أُمته له في أفعاله أمران: ما كان جِبِلِّيًّا، وما كان مِن خصائصه. وقد سبق


(١) كذا في (ز، ظ، ت، ق). لكن في (ض، ش): مرتب.
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٦٨١٩).
(٣) صحيح مسلم (رقم: ١٢٩٧).
(٤) كذا في (ز، ص، ظ، ت، ق، ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>