للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيان التأسِّي فيهما، والخلاف في ذلك واضحًا، فما سِوَى هذين أُمَّته مِثْله فيه.

ومن ذلك ما كان مِن أفعاله بيانًا، فإنه وإنْ وجب عليه مِن حيث التبيان فقدْ يكون مندوبًا أو مباحًا باعتبار أَصْله الذي هو مثال له. وأُمته مِثله مِن جهة ذلك الأصل، لا مِن جهة تشريعه كما سبق تقريره.

نَعَم، يجب على العلماء بيان شَرْعِه بأَيِّ طريقٍ كان، سواء بالقول أو بالفعل أو نحو ذلك، فربما كان في فِعل المُبَيِّن منهم الجهتان المذكورتان.

وفيما عُلِمَت صِفتُه مذاهب:

أصحُّها ما قُلناه: إنَّ أُمَّته مِثْله، إلَّا أنْ يدل دليلٌ على تخصيصه.

وثانيها: قول القاضي: إنه كالذي لا تُعْلم صفته في حقهم حتى يجري فيه قولٌ بالندب وقولٌ بالإباحة وقولٌ بالوقف.

وثالثها: أنهم مِثله فيه في العبادات، وهو قول أبي علي ابن خَلَّاد مِن المعتزلة.

ورابعها: الوقف، قاله الرازي.

قال أبو شامة: (الذي أقوله أنا: إذَا عَلِمنا أنَّ فِعله واجبٌ، فإنْ كان عليه وعلينا فلا حاجة للاستدلال بفعله على وجوبه على الأُمة؛ لوجود دليل العموم لنا. وإنْ كان خاصًّا به فهو القِسم [السابق] (١) في خصائصه. فإنْ شَككنا فلا دليل على الوجوب علينا إلَّا أدلة القائلين بالوجوب فيما لم تُعْلَم صفته، فلا حاجة لفرض هذا القِسم وهو ما عُلِمت صفته).

قال: (وإنْ عَلِمْنا أنه أَوْقَعه ندبًا فهو على اختيارنا الندب في مجهول الصفة، أو مباحًا فهو الذي لم يظهر فيه قَصْد القُربة) (٢). انتهى


(١) في (ص): السابق وهو ما عُلمت صفته.
(٢) المحقق من علم الأصول (ص ٢٢٥ - ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>