للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لجواز أنْ يَكون حُكم أحد الفعلين في وقتٍ مغايرًا لحكمه في وقتِ الآخر؛ لأنه لا عموم في الفعل في ذاته ولا في وقته.

نَعَم، إذًا كان مع الفعل الأول قول يقتضي وجوب تَكرره، جاز أنْ يعارضه الفعل الثاني.

قال إلْكِيا: وعلى مثله بنَى الشافعي مذهبه في سجود السهو قَبل السلام وبعده، وقال: إنَّ آخر فِعليه قبل السلام.

قلتُ: والدليل الدال على تَكرر الأول - على ما قيل - هو ما ورد مِن الأمر بسجود السهو حيث وجد مقتضيه، لكن فيه نظر؛ فإنه لا بُدَّ أنْ يَكون في النص ما يدل على أنه بعد السلام، وليس فيه تَصْرِيح بشيء، وإنما ينبغي أنْ يُمَثَّل له بما سيأتي في صلاة الخوف، على أنَّ في أصل المسألة نظرًا أيضًا؛ لأنَّ التعارض في الحقيقة إنما هو بين الثاني وبين القول المقتضي لتكرار الأول، لا بين فعلين بالذات.

وهذه الطريقة هي طريقة الإِمام الرازي تبعًا للقاضي والغزالي، وعليها الجمهور.

وقال إمام الحرمين: (إنَّ الفعلين قد يتعارضان، والمتأخِّر منهما ناسِخ).

قال: (وفي كلام الشافعي صَغْوٌ إليه؛ فإنَّ هذا هو مُدْركه في تقديم رواية خَوَّات بن جُبير في صلاة ذات الرقاع على رواية ابن عمر - رضي الله عنهما -) (١). انتهى.

ومراده ما بين الحديثين مِن التخالف المشهور في محله من الفقه والحديث، وقد أوضحته في "شرح العمدة".

وممن وافق الإِمام على ذلك ابن القشيري، وقال: إنَّ الشافعي [قَدَّر] (٢) ما رواه ابن عمر في غزوة سابقة.


(١) البرهان في أصول الفقه (١/ ١٤٨).
(٢) كذا في (ز، ش)، لكن في سائر النسخ: قرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>