للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (وله مَسْلك آخَر، وهو تسليم كونهما في غزوة واحدة، ولكن رواية خَوَّاتٍ أقربهما للأصول بِقِلَّة الحركة وقُربها للخشوع). انتهى

والذي في "الرسالة" إنما هو تقديم رواية خوات؛ لأنه متقدم الصحبة والسن - بعد أنْ رجحها [قَبْل] (١)؛ لموافقة ظاهر القرآن، ولأنها أقوى في مكايدة العدو.

على أنَّ الذي قاله القاضي وقال إمام الحرمين: (إنه ظاهر كلام الأصوليين)، وقال إلْكِيا: (إنه الحق الذي لا يجوز غيره)، والغزالي: (إنَّ الفقهاء اتفقوا عليه) - صحة الفعلين، وإنما اختلفوا في الأفضل.

ولو سُلِّم أنَّ الخلاف في الجواز، فلقائل أنْ يقول: إنَّ الفعل الأول دل ظاهرُ القرآن على تكرره، وهو عموم قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٢] الآية، فليس مِن تَعارُض مجرد الفعلين كما سبق تقريره.

قلتُ: لكن هذا على تقرير أنه موافق لحديث ابن عمر، أمَّا إذا جُعل موافقًا لحديث خوّات وجعلناه متأخرًا، فلا. على أنَّ تَعارض الفعلين قد حكى فيه ابن العربي المالكي في كتابه "المحصول" ثلاثة أقوال: التخييرَ، تقديمَ المتأخر، طلبَ الترجيح.

وقال القرطبي: مَن قال: "إنَّ الفعل محمول على الوجوب" قال: الناسخ متأخِّر إنْ علِم التاريخ, وإنْ جهِل فالترجيح، وإنْ قُلنا: "لا يدل على الوجوب"، فهُما متعارضان كالقولين.

والقول بأن المتأخر ناسخ نقله الغزالي في "المنخول" عن مجاهد.

وفصَّل ابن القشيري بين الفعل الوارد بيانًا وغيره، قال: فالتعارض في الوارد بيانًا


(١) في جميع النُّسخ: (وقيل). والتصويب من "البحر المحيط, ٣/ ٢٦٣": (وَصَرَّحَ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ رَجَّحَهَا، لمُوَافَقَةِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>