للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجهين، أحدهما: أن الشيخ أبا حيان نقل التخصيص بالبدل عن الشافعي، إذ قال في قصيدته التي رويناها عن شيخنا شيخ الإسلام البلقيني قراءة عليه عن أبي حيان متضمنة لمدح الشافعي رحمه الله: "إنه هو الذي استنبط الفن الأصولي، وإنه الذي يقول بتخصيص العموم بالبدلين". ومراده: بدل البعض، وبدل الاشتمال. فاستفدنا منه أن بدل الاشتمال في معنى بدل البعض في التخصيص عند مَن يقول به).

المثال الخامس: قال البرماوي في شرح الألفية (١/ ٢٧٣): (وأما العارِيَّة: فقال الغزالي في "الوسيط" بَعْد حكاية الخلاف في إعارة الدراهم والدنانير: "فإنْ أَبْطَلناها، ففي طريقة العراق أنها مضمونة؛ لأنها إعارة فاسدة. وفي طريقة المراوزة أنها غير مضمونة؛ لأنها غير قابلة للإعارة؛ فهي باطلة". انتهى. نَعَم، كان ينبغي أنْ يقول: "فإنْ لَمْ نُصححها، ففي طريقة العراق" إلى آخِره؛ لأنَّ عدم الصحة هو المنقسم إلى فساد وبطلان، لا أنَّ البطلان هو المنقسم؛ لأنَّ الشيء لا ينقسم إلى نَفْسه وغيْره). انتهى

قلتُ: وهذا يدل على قوة نَظر البرماوي وتَأَمُّله وَدِقَّة فَهْمه؛ فالباطل لا ينقسم إلى فاسد وباطل.

فعبارة الغزالي المنقولة هكذا: (فإنْ أَبْطَلناها ففي طريقة العراق أنها .. فاسدة، وفي طريقة المراوزة أنها .. باطلة).

فيكون البطلان قد انقسم إلى فاسد وباطل، يعني انقسم إلى نَفْسه وغَيْره!

ويرى البرماوي أنَّ الصواب أن تكون العبارة هكذا: (فإنْ لَمْ نُصححها ففي طريقة العراق أنها .. فاسدة، وفي طريقة المراوزة أنها .. باطلة).

وبذلك يكون عدم الصحة قد انقسم إلى فاسد وباطل.

وعبارة الغزالي المذكورة: (فإنْ أبطلناها ... ) قد ذكرها جَمْعٌ من كبار علماء أصول

<<  <  ج: ص:  >  >>