الفقه مِن غَيْر أنْ يُنَبِّهوا على ما نَبَّه عليه البرماوي، فذكرها: الزركشي في "البحر المحيط"، وتاج الدين السبكي في "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، ٢/ ٢٣"، والإسنوي في "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، ص ٦٠". وكُلهم لم ينبهوا على ما ذكره البرماوي.
ثم: نظرتُ في "الوسيط" للغزالي، فوجدتُ عبارته جاءت كما أرادها البرماوي! !
قال الغزالي في "الوسيط": (وَإِن قُلْنَا: لَا يَصح، فَهِيَ عَارِية فَاسِدَة مضمونة، وَفي طَريقَة المراوزة أَن عَارِية الدَّرَاهِم إِذا لم تصح فَهِيَ بَاطِلَة)(١).
قلتُ: فَثَبَتَتْ صحةُ نَظَر البرماوي، وأنَّ عبارة الغزالي - التي نقلها الأئمة الزركشي والسبكي والإسنوي - فيها خَلَل، وأنَّ البرماوي قد اعتمد عليهم في النقل عن الغزالي، ثم صَحَّح الخَلَل بِنَظَره، فأصاب.
وأيضًا: وجدتُ الإمام البرماوي في مواضع كثيرة ينقل كلام الإمام الزركشي في "تشنيف المسامع شرح جمع الجوامع" ثم يتعقبه ويَرُد عليه. وإليكم بعض عباراته:
قال البرماوي (١/ ٣٢٧): (فَقَوْل شيخنا بدر الدين الزركشي في شرح "جمع الجوامع": "التحقيق أنه لا أداء ولا قضاء، بل إعادة" ليس بجيد؛ لأنَّ "الإعادة" لا تُنافي "الأداء" كما قررناه، وقد قرره هو في موضعه على الصواب).
وقال أيضًا (١/ ٣٥٦): (وأمَّا قول شيخنا الزركشي في "شرح جمع الجوامع": "إنهم ... " فَفِيه نَظَر؛ لأنَّ ... ).
وقال أيضًا (٣/ ١٢١٠): (قال شارحه شيخنا بدر الدين الزركشي: "إنه ... ". قلتُ: وفي ذلك نظر؛ لأن ... ).
(١) الوسيط (٣/ ٣٥١)، الناشر: دار السلام، تحقيق: د. محمد تامر، د. أحمد محمود.