للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: أن يكون القول عامًّا لنا وله - صلى الله عليه وسلم -:

كما لو قال في المثال السابق: "صوم عاشوراء علَيَّ وعليكم" أو نحو ذلك، فهذا يُعْلم حُكمه مما سبق في القسمين قبْله.

فإنْ تَقدم القولُ، نَسخَه الفعلُ في حقنا وحقه؛ لأنَّ الفرض أنه دل دليل على وجوب التأسي.

وإنْ تَقدم الفعلُ، نَسخَه القولُ؛ لأن الفرض أنَّ الدليل دل على تكرر مُقتضَى الفعل.

وإنْ جُهل، جاءت الأقوال فيه وفينا، ورجحان القول بالوقف فيه وبالقول فينا.

ومما مُثِّل به هذا القِسم قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة: "كُلْ مما يليك" (١)، والخطاب له ولغيره، والنبي - صلى الله عليه وسلم - داخلٌ على قاعدة عموم حُكمه كما سيأتي في باب العموم. وصَحَّ أنه هو "كان يتبع الدباء في جوانب الصحفة" (٢) ولا يُدْرَى أيهما السابق، ونحوه نهيه عن الشُّرب قائمًا وعن الاستلقاء ونحو ذلك مع ثبوت أنه فَعَله.

قلتُ: لكن سيأتي أنَّ محل ذلك حيث كان دخوله - صلى الله عليه وسلم - بالنص لا بظهور العموم فيه، وإلا فَيُخَص به مطلقًا تَقدم أو تَأخر أو جُهل، فليكن هذا منه.

وهو ما أشرفُ إليه في النَّظْم بقولي: (نَعَم، إذَا الظَّاهِرُ لَفْظًا شَمِلَا) إلى آخره، أي: إن ما سبق فيما إذا كان الحكم لنا وله مع كونه منصوصًا عليه فيه كما مَثَّلنا في "صوم عاشوراء علَيَّ وعليكم"، أمَّا إذا كان دخوله بطريق العموم كقوله: "صومه واجبٌ" أو قال: "على الناس" أو نحو ذلك وقُلنا: المتكلم داخل في عموم كلامه، فيكون الفعل مخصِّصًا له من العموم،


(١) صحيح البخاري (رقم: ٥٠٦١)، صحيح مسلم (رقم: ٢٠٢٢).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ١٩٨٦)، صحيح مسلم (رقم: ٢٠٤١). واللفظ فيهما: (يَتَتبَعُ الدُّبَّاءَ من حَوَالي الصحْفَةِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>