فالأول: أنْ يَكون خاصًّا به - صلى الله عليه وسلم -:
فإنْ عُلم المتأخر مِن القول أو الفعل فهو ناسخ للمتقدم، كما لو قال:"صوم عاشوراء واجب عليَّ" ونُقل أنه أفطر فيه قَبْل تاريخ القول أو بعده، ولا تَعارض بينهما في حق الأُمة؛ لعدم تناول القول إياهم.
وإنْ جُهل المتأخر منهما، فأقوال:
أحدها: يُعمل بالقول؛ لقوته بالصيغة، وأنه حُجة بنفسه. وهذا قول الجمهور، وظاهر كلام ابن بَرهان أنه المذهب، وجزم به إلْكِيا والأستاذ أبو منصور، وصححه الشيخُ في "اللمع" والإمامُ في "المحصول" والآمديُّ في "الإحكام".
الثاق: تقديم الفعل؛ لعدم الاحتمال فيه. ونُقل عن اختيار القاضي أبي الطيب.
والثالث: أنهما سيَّان، لا يرجح أحدهما إلا بدليل. ونقله ابن القشيري عن القاضي أبي بكر ونصره، واختاره ابن السمعاني، إلَّا أنَّ الشيخ في "اللمع" وابن القشيري والغزالي جعلوا محل الخلاف في القول والفعل إذا كانا بيانًا لِمُجْمَل، لا مبتدأَيْن، وعكسه القرطبي.
الثاني: أن يكون القول خاصًّا بنا:
فهو - صلى الله عليه وسلم - سالم مِن المعارضة في حقه؛ لعدم تناول القول له، وأمَّا في حق الأُمة فإنْ دل دليل على وجوب التأسي به في ذلك الفعل، فالمتأخر أيضًا ناسخ للمتقدم قولًا كان أو فعلًا، كما لو قال في المثال المتقدم:"صوم يوم عاشوراء واجب عليكم دُوني". أمَّا إذا لم يدل دليل على وجوب التأسي، فلا تَعارض بالنسبة إلينا.
فإنْ جُهل التاريخ, جاءت الأقوال الثلاثة، لكن الأرجح ما صححه ابن الحاجب وغيره هنا: القول، وفيما إذا كان القول خاصًّا به: الوقف؛ لاحتياجنا في التعبد للقول أو الفعل، وأما في حقه فأمر انقضى، والقول أقوى كما سبق.