للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحاصل المسألة أن مخالفة العوام للمجتهدين لا أثر لها. كما أنهم إذا أجمعوا على شيء، لا اعتبار بهم ولو خلا الزمان عن مجتهد حيث جَوَّزنا ذلك، وسيأتي ذلك في موضعه.

وعبَّر ابن الحاجب عن هذه المسألة بأن المقلِّد لا يُعتبر وفاقه (١).

ولا يتقيد بذلك، بل العامِّي أَعَم [أنْ] (٢) يَكون مُقَلِّدًا أوْ لا، فالتعبير به أَوْلَى؛ لشموله.

والقول باعتباره حكاه ابن الصباغ وابن برهان عن بعض المتكلمين، ونقله الإِمام وابن السمعاني والهندي عن القاضي، وكذا قال ابن الحاجب: (إنَّ ميل القاضي إلى اعتباره) (٣). أَيْ: المقلِّد.

لكن كلام إمام الحرمين في "مختصر التقريب" يقتضي أنَّ القاضي لا يَعتبِر خلافهم ولا وفاقهم.

قيل: والذي في "التقريب" تحرير الخلاف على وجه آخر:

- فإنَّ القائل بعدم اعتبار العامَّة قال: لقوله تعالى: {وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: ١٨] , وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العلماء ورثة الأنبياء" (٤)، وقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: ٧]. فَردَّ العوام إلى قول المجتهدين.

- والقائل باعتبارهم قال: إنَّ قول الأُمة إنما كان حُجة لعصمتها مِن الخطأ، فلا يمتنع أنْ تكون العصمة للهيئة الاجتماعية مِن الكل، فلا يَلزم ثبوتها للبعض.


(١) مختصر المنتهى مع شرح الأصفهاني (١/ ٥٢١).
(٢) في (ز): من أن.
(٣) مختصر المنتهى (١/ ٤٤٤)، الناشر: دار ابن حزم.
(٤) سنن أبي داود (رقم: ٣٦٤١)، سنن ابن ماجه (٢٢٣)، وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (صحيح سنن أبي داود: ٣٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>