فقال القاضي ما حاصله: إنَّ الخلاف يرجع إلى إطلاق الاسم، يعني أنَّ المجتهدين إذا أجمعوا، هل يَصْدُق أنَّ الأُمة أجمعت ويُحكم بدخول العوام فيهم تبعًا؟ أوْ لا؟
فعنده لا يصدق وإنْ كان ذلك لا يقدح في حُجيته، وهو خِلاف لفظي؛ لأنَّ مخالفتهم لا تقدح في الإجماع قَطعًا. وتبع القاضي كثير من المتأخرين على أنَّ الْخُلْف لَفْظي راجع إلى التسمية، لكن أبو الحسين في "المعتمد" نقل عن قوم أنَّ الإجماع لا يُحتج به إلا مع وفاق العامة.
وذكر الشيخ تقي الدين السبكي في شرح "منهاج الفقه" أنَّ الأستاذ أبا إسحاق خَرَّج على هذا الخلافِ الاختلافَ في تكفير مَن أَنكر مجمَعًا عليه غير معلوم مِن الدِّين بالضرورة، وستأتي المسألة.
وفي مسألة اعتبار العوام قول ثالث حكاه القاضي عبد الوهاب وابن السمعاني أنه يعتبر في الإجماع على "عامٍّ"، وهو ما ليس [بمقصورٍ](١) على العلماء وأهل النظر، كالعلم بوجود التحريم بالطلاق، وأن الحدث في الجملة ينقض الطهارة، وأن الحيض يمنع أداء الصلاة ووجوبها، بخلاف "الخاص"، كدقائق الفقه.
قيل: وبهذا التفصيل يزول الإشكال، وينبغي تنزيل إطلاق المطْلِقين عليه، وخَصَّ القاضي أبو بكر الخلاف بِـ "الخاص"، وقال: لا يُعتبر خلافهم في "العامِّ" اتفاقًا. وجرى عليه الروياني في "البحر".
وقولي:(كَالْأُصُولِي في الْفِقْهِ) إلى آخِره -إشارة إلى أنَّ مِن أمثلة مخالفة العامِّي ووفاقه العالم المجتهد في فن بالنسبة إلى مسألة في فن آخر، كالنحوي في الفقه، وعكسُه؛ لأنَّ قوله في ذلك بلا دليل استخرجه منه؛ لأنَّ الفَرْض عدم أهليته لذلك، وكالأصولي في مسألة من