قال:(وأما القول بأنَّ إجماع المنحطين عن مَبْلَغ التواتر حُجة فهو غير مَرْضِي؛ فإنَّ مأخذ الإجماع مستند إلى طرد العادة)(١).
فوافق أبا إسحاق على إحدى المسألتين وهي انحطاط علماء عصر عن التواتر، وخالفه في الأخرى -وهي كَوْن إجماعهم حُجة- مِن أجل أنَّ مَنْشَأ حُجية الإجماع عنده العادة، أمَّا إذا قُلنا:"منشأه الآيات والأحاديث" -وهو الصحيح كما سبق- فالحق خِلاف ما قاله.
نعم، قول أبي إسحاق:(إنَّ الواحد حُجة) المختار خلافه وإنْ عزاه الهندي للأكثرين؛ لعدم صِدق كوْنه إجماع الأُمة.
وقال أبو إسحاق: قد يُطْلق على الواحد "أُمَّة" كما قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}[النحل: ١٢٠].
وقال ابن سريج في كتاب "الودائع": (حقيقة الإجماع هو القول بالحق، فإذا حصل القول بالحق مِن واحد فهو إجماع، وقد طالب أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بني حنيفة بالزكاة لَمَّا منعوها وَحْدَه، ثم وافقه الكل بَعد ذلك على أنه حق). انتهى
ولا حُجة في الأمرين:
- أمَّا تسمية إبراهيم - عليه السلام - "أُمة" فمجاز، باعتبار أنه المقصود مِن "أمَّ" إذًا قصد، وهو غيْر المعنى المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجتمع أُمتي على ضلالة".
- وأمَّا الثاني: فلمَّا وافق كُل الصحابة أبا بكر في ذلك، كان إجماعًا مِن الكل، لا مِن أبي بكر وحْده.
ومنهم مَن يجعله حُجة ولا يسميه إجماعًا؛ لِمَا بَيَّناه.