للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالصحابة، وكانت هذه البلاد موطن الصحابة، ما خرج منها إلا شذوذ منهم). انتهى.

أيْ: فلا يُظَن أنَّ القائل بذلك يقول به في كل عصر.

وقولي: (بَلِ انْبِذَا) أيْ: اطرح هذا الاعتقاد، فلا تعتقد حجية شيء مِن ذلك، فالألف في "انبِذا" بدل مِن نون التوكيد الخفيفة، وأصله "انْبِذن"، والله أعلم.

ص:

٢٤١ - وَهَكَذَا إِجْمَاعُ أَهْلِ طَيْبَةِ ... إذْ لَيْسَ في كُلٍّ جَميعُ الْأُمَّةِ

الشرح: أيْ: ومن ذلك أيضًا إجماع أهل المدينة، نُقل عن مالك أنه حُجة.

قال الحارث المحاسبي في كتاب "فهم السُّنن": (قال مالك: وإذا كان الأمر بالمدينة ظاهرًا معمولًا به، لم أر لأحد خِلافهُ، ولا يجوز لأحد مخالفته). انتهى

فمِن أصحابه مَن قال بظاهر ذلك؛ ولذلك أَطْلق النقل عنه بذلك الصيرفي في "الأعلام"، والروياني في "البحر"، والغزالي في "المستصفى".

ويكفي في تضعيف هذا القول قول الشافعي في كتاب "اختلاف الحديث": (قال بعض أصحابنا: إنه حجة، وما سمعت أحدًا ذكر قوله إلَّا عابه، وإنَّ ذلك عندي معيبٌ). انتهى

وقال الباجي مِن أصحاب مالك: (إنما أراد فيما طريقه النقل المستفيض، كالصاع والمد، والأذان والإقامة، وعدم الزكاة في الخضروات مما [تقضي] (١) العادة أنْ يكون في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذْ لو تَغَيَّر ممَّا كان عليه لَعَلِمَه. فأمَّا مسائل الاجتهاد فهُم وغيرهم سواء) (٢).

وحكاه القاضي في "التقريب" عن شيخه الأبهري، وجَرَى عليه القرافي في "شرح


(١) في (ظ): يقتضي. وفي (ق): تقتضي.
(٢) انظر: إحكام الفصول في أحكام الأصول (١/ ٤٨٧ - ٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>