للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دليل؛ فإنَّ القول بغير دليل خطأ. وأيضًا فكان يقتضي إثبات شرْع مستأنف بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو باطل.

وذهب بعضهم -كما نقله عبد الجبار عن قوْم- أنه يجوز أنْ يحصل [بالبَخْت] (١) والمصادفة، والمعنى أنَّ الإجماع قد يكون عن توقيف من الله عَزَّ وَجَلَّ من غير مستند. وأجابوا عمَّا سبق من الدليل بأنَّ الخطأ إنما هو في الواحد من الأُمة، أما كل الأمة فلا.

وأُفْسِدَ ذلك بأنَّ الخطأ إذا اجتمع، لا ينقلب صوابًا؛ لأنَّ الصواب في قول الكل إنما هو مع مراعاة عدم الخطأ من كل فرد.

وزعم الآمدي أن الخلاف إنما هو في الجواز، لا في الوقوع.

ورُدَّ: بأنَّ الخصوم استدلوا بِصُوَر لا مستند فيها على زعمهم، فلولا أنه محل النزاع ما استدلوا بها.

قلتُ: وفيه نَظَرٌ؛ فإنَّ مَن يدَّعي الجواز هو الذي ادَّعى الوقوع واستدل به، ومَن يمنع الجواز فلا يُسلم وقوع ذلك، مع بقاء المخالفة في الجواز من الأصل.

وقولي: (وَلَوْ قِيَاسًا) إشارة إلى أنَّ المستند يجوز أنْ يكون قياسًا (على المرجَّح)، والمخالف بعض الظاهرية زعم أنه لا يجوز، وهو بناء على أصلهم في منع القياس، لكن سبق أن جمهورهم إنما يمنع غير الْحَلي.

نعم، الغريب موافقة محمَّد بن جرير الطبري (مِن أئمتنا) لهم في ذلك مع أنه قائل بالقياس، ونقل عنه القاضي في "التقريب" أنه منعه عقلاً؛ لاختلاف الدواعي والأغراض، وتفاوتهم في الذكاء والفطنة.


(١) في (ز): بالتبخيت. وفي (ظ، ق): بالبحث. وفي (ت، من): بالبحت. والبَخْت: الحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>