للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد سبقت مذاهب في مسائل تُشْبه هذا، وسبق ضعفها:

منها: تجويز أبي عبد الله البصري انعقاد إجماع بَعْد إجماع مع كوْن الثاني خرقًا للأول.

ومنها: مَن قال في الإجماع السكوتي: إنه ليس حُجة، وما لم ينقرض فيه العصر.

وشبه ذلك، وهو كثير.

وحيث قلنا في خرق الإجماع: (إنه حرام) فهل يكون كفرًا؟ فيه تفصيل يأتي آخِر الفصل.

وقولي: (فَامْنَعْ إذَا مَا خَالَفَهْ) إلى آخِره -إشارة إلى أن هذا الأصل يتفرع عليه مسائل:

إحداها: أن الأُمة إذا أجمعت على قولين، هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث غير القولين المتقدمَين؟ وفي معناه -وإن لم يتعرض الأكثر له- أن يُحْدثوا هُم أو بعضهم القول الثالث. فيه مذاهب:

أصحها عند الجمهور: المنع مطلقًا، كما لا يجوز إحداث قول ثانٍ، ونَصَّ عليه الشافعي في "الرسالة". قال أبو منصور: هو قول الجمهور. وقال إلْكِيَا: إنه الصحيح وبه الفتوى. وقال ابن بَرهان: إنه مذهبنا. وجزم به القفال الشاشي والصيرفي والقاضي أبو الطيب والروداني.

الثاني: الجواز مطلقًا؛ لأنه لم يخرق إجماعًا سابقًا، فإنه قد لا يرفع شيئًا مما أجمعوا عليه. وحكاه ابن القطان عن داود، وحكاه الصيرفي والروياني عن بعض المتكلمين. وقال القاضي أبو الطيب: رأيت بعض أصحاب أبي حنيفة يختاره وينصره. وكذا نقله ابن برهان وابن السمعاني عن بعض الحنفية والظاهرية.

نعم، أنكره ابن حزم على مَن نسبه لداود.

والثالث وهو الحقُّ عند المتأخرين: أن القول الثالث إنْ لزم منه رفْع ما أجمعوا عليه، كان خارقًا ممتنعًا، وإلا فلا يمتنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>