ولم أقُل في آخِر التعريف:(عند الحامل) ليدخل فيه الصحيح والفاسد كما عبر بذلك الإمام الرازي والبيضاوي؛ لأنَّ الفاسد إنما هو باعتبار اعتقاد القايس، بل أطلقتُ؛ ليختص التعريف بالصحيح؛ لأنه المقصود، إذِ المراد القياس الشرعي الذي هو أصل في الدِّين، لا مُطْلَق القياس.
تنبيه: أُورِد على التعريف للقياس بما يقتضي مساواة الفرع للأصل "قياسُ العكس"، وهوة "تحصيل نقيض حُكم معلوم في غيره؛ لافتراقهما في علة الحكم"؛ فيكون غير جامع.
مِثالُه أن يقول الحنفي: لو لم يكن الصوم شرطًا لصحة الاعتكاف في الأصل لم يكن شرطًا لها بالنذر؛ إذْ لو نذر أنْ يعتكف مصليًّا لَمْ يَلْزَمه الجمْعُ، بخلاف ما لو نذر أنْ يعتكف صائمًا. والثابتُ في "الأصل " نَفْيُ كَوْن الصلاة شرطًا لها، وفي "الفرع" إثباتُ كوْن الصوم شرطًا لها، فحُكْم الفرع ليس مِثل حُكم الأصل، بل نقيضه.
وأُجِيب بأنَّ هذا في الحقيقة تمسُّك بنظم التلازُم، إلا أنَّ إحدى مُقَدمَتَي التلازُم أُثبتت بالقياس؛ لأنك تقول: لو لم يكن الصوم شرطًا في الاعتكاف بالأصالة، لم يكن شرطًا له بالنذر، فهو شرط له مطلقًا. فإنك تقول: لكنه شرط له بالنذر؛ فيكون شرطًا له بالأصالة. فتستثني نقيض التالي؛ فينتج نقيض المقدم.
ثُم تُبَين وجْه الملازمة بين شرطيته بالأصالة وشرطيته بالنذر بالقياس على الصلاة، فتقول: عدم كوْنه بالأصالة شرطًا مِن لازِم عدم وجوبه بالنذر، كما أنَّ عدم وجوب الصلاة في الاعتكاف لازِمٌ لعدم وجوبها فيه بالنذر لو نذر أنْ يعتكف مُصَلِيًّا. فهذا داخل في القياس، ونَظْم التلازُم خارج منه على اصطلاح الأصوليين كما سيأتي، فالحَدُّ مطردٌ منعكسٌ.
نعم، في حُجية "قياس العكس" خِلاف، فكلام الشيخ أبي حامد يقتضي المنع، لكن الجمهور على خلافه، وممن حكى الخلاف في ذلك الشيخ أبو إسحاق في "الملخص"، فقال