للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم المنكرون منهم مَن منعه شرعًا وهو ما نقله القاضي وغيره عن داود، وحكى عنه الآمدي أنه إنما يُنكر غير القياس الجلي، لكن داود إنما يقول بالجلي؛ لأنه فحوى الخطاب، لا [لأنه] (١) قياس، ولهذا قال ابن حزم في كتاب "الإحكام" وهو أعلم بمذهبه: وداود وأصحابه لا يقولون بشيء من القياس، سواء أكانت العلة فيه منصوصة أوْ لا.

وكذا نقل عنه الأستاذ أبو منصور في كتاب "التحصيل"، فإنه قال: لو قيل لنا: "حرمتُ المسكر؛ لأنه حلو" لم يدل ذلك على تحريم حلو آخَر. وسبق عن ابن حزم أنه يدعي أن النصوص تستوعب الحوادث، أيْ: فهو مستغنًى عنه، فلا يُعمل به.

وقيل: لا يعمل به؛ لأنه دليل عقلي، فلا مدخل له في الشرعيات.

ونحوه قول مَن قال بأنه قول بالرأي في الذين.

ومنهم مَن منعه عقلًا، فقيل: لأنه قبيح في نفسه؛ فيحرم. وقيل: لأنه يجب على الشارع أن يستنصح لعباده وينص لهم على الأحكام كلها. وهذا على رأي المعتزلة المعلوم فساده. حكى هذين القولين إمام الحرمين.

وقيل: لأن الأحكام الشرعية جاءت على وجوه لا يمكن العمل بها قياسًا، كتحمل العاقلة الدِّيَة، وإيجابها [في القسامة باللوث] (٢)، وكالحكم بالشفعة، والفَرْق بين المخابرة والمساقاة، فجمعت الشريعة بين أشياء مختلفة، وفَرَّقَت بين أشياء متفقة؛ فامتنع القياس. حكاه الأستاذ أبو منصور.

[وقيل غير ذلك مما لا طائل في ذِكره] (٣).


(١) في (ص، ت، ظ، ق): انه.
(٢) في (ز): بالقسامة في اللوث.
(٣) هذه العبارة ليست في (ز)، وفي (ز) في هذا الموضع كلام ليس في سائر النُّسَخ: (وقيل: لأن المعارف=

<<  <  ج: ص:  >  >>