المسألة الثالثة من مسائل هذه الخاتمة: زيادة الثقة في الحديث ما لم يَرْوِه غيرُه من الثقات الذين رووا الحديث، ولها ثلاثة أحوال: أنْ يُعْلَم تَعدُّد المجلس أو اتحاده أو لا يُعلم واحد منهما.
فالأُولى: وهي أن يُعلم تعدد المجلس فيُقْبَل ما انفرد به. قال الأبياري وابن الحاجب والهندي: بلا خلاف.
وانتُقد بأن ابن السمعاني قد أجرى فيها الخلاف الآتي.
الثانية: أن لا يُعلم واحد منهما، فكالذي قبْله.
الثالثة: أن يعلم اتحاد المجلس، فإما أن يصرح الذي لم يَرْوِها بنفيها أو يسكت، فإن صرَّح بنفيها فسيأتي أن حكمها التعارض وطلب الترجيح.
وإن لم يصرح بنفيها بل سكت ففيها مذاهب:
أحدها: وهو قول الجمهور مِن الفقهاء والمحدثين أنها مقبولة مطلقًا؛ ولهذا قَبِل النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر الأعرابي عن رؤية الهلال مع انفراده، وقَبِل خبر ذي اليدين وأبي بكر وعمر - رضي الله عنه - وإنِ انفردوا عن جميع الرُّواة.
وممن نُقل عنه إطلاق القبول مالك كما حكاه عنه القاضي عبد الوهاب في "الملخص" وعن أبي الفرج مِن أصحابه وعن أصحاب الشافعي.
وجرى على الإطلاق أبو الحسين بن القطان وإمام الحرمين في "البرهان" والغزالي في "المستصفى" وقال: (سواء أكانت الزيادة مِن حيث اللفظ أو المعنى)(١)، والشيخ أبو