فقلتُ في جواب هذا السؤال: إنه مِن تَوافُق وَضْع العجم مع وضع العرب، فيظن الظان أن العرب أخذت لفظ العجم واستعملته في لغتها، وليس كذلك، وهذا إنما نَدَّعيه في الواقع في القرآن فقط؛ لِمَا سيأتي من الدليل على أن القرآن كله عربي، وأما وقوعه في لغة العرب فَبِلَا خلاف وإنْ كان حازم في "منهاج البُلغاء" قد ذكر تقسيمًا طويلًا ربما قدح في حكاية الاتفاق لسنا بصدد بسطه، إنما الحاجة إلى وقوعه في القرآن أوْ لا.
فممن أثبته فيه: ابن عباس وعكرمة ومجاهد وجمعٌ، واختاره ابن الحاجب مع نقل نَفْيِه عن الاكثرين، وإنْ كان الآمدي لم يرجح شيئًا، ولكن ما ذهب إليه الأكثرون هو الأرجح، منهم القاضي أبو بكر والقفال وأبو الوليد الباجي والشيخ أبو إسحاق، وابن القشيري قال: وعليه المحققون. وجرى عليه الإمام الرازي وأتباعه. وقال ابن فارس في "فقه اللغة": إنه قول أهل العربية.
ونَصَّ عليه الإمام الشافعي - رضي الله عنه - في "الرسالة" في الباب الخامس، فقال:(وقد تكلم في العلم مَن لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه لكان الإمساك أوْلى له، فقال منهم قائل: إن في القرآن عربيًّا وأعجميًّا. والقرآن يدل على أنه ليس في كتاب الله شيء إلا بلسان العرب، أووجدنا قائل هذا القول ومَن قَبِل ذلك منه تقليدًا وتركًا للمسألة عن حُجة ومسألة عصره ممن خالفه، (١)، وبالتقليد أغفلَ مَن أغفلَ منهم، والله يغفر لنا ولهم). انتهى
وممن نقل هذا النص: الشيخ أبو حامد في "تعليقه"، وقال:(إنه قول عامة أهل العلم وقول المتكلمين بأسرهم). ثم نَصَره.
(١) كذا في جميع النُّسخ، ولفظ الشافعي في (الرسالة، ص ٤٢): (وَوَجَدَ قائل هذا القول مَن قَبِلَ ذلك منه تقليدًا له وتَرْكًا للمسألة عن حُجته ومسألةِ غيره ممن خالفه).