وعندي أنها خارجة مِن المعرَّب بالطريق الذي أشرتُ إليه في النَّظم، وهو أنه حكاية ألفاظ الأعلام كما هي كما أن العجم إذا حكت أعلامًا عندنا ك "محمد" و"أحمد" لا يَصِير بذلك وضعًا أعجميًّا؛ إذْ لا سبيل إلى أنْ يُعَبَّر في الأعلام عن مدلولها إلا بها، بخلاف أسماء الأجناس، لكون العَلَم وُضِع لِمُعَيَّن لا يتناول غيره.
تنبيهات
أحدها: قال ابن دقيق العيد: الخلاف في المعرَّب مبني على إثبات الحقيقة الشرعية، فَمَن أَثبتها وجعلها مجازات لغوية، لا يلزم مِن قوله أنْ يكون القرآن غير عربي.
ولكن يَرُد ذلك قول أبي نصر القشيري: إنَّ هذا ليس هو الخلاف في الأسماء الشرعية. وهو ظاهر؛ لأنَّ الأسماء الشرعية نُقِلت إلى معنى غير الأول، والمعرَّب باقٍ على معناه، فكيف يكون هو إياه أو مُفَرَّعًا عليه إلا بِعُسْر؟ !
الثاني: عُلم مِن إخراج الأعلام مِن الخلاف أن استدلال ابن الحاجب تبعًا لشيخه الأبياري بذلك ليس بجيد؛ لكونه إما غير مُعرَّب أو مُعرَّبًا ليس الخلاف في وقوعه في القرآن كما سبق، بل سبقهما إلى ذلك خَلْقٌ. وربما عزوا ذلك إلى نَص سيبويه في "كتابه" فيما لا ينصرف وفي النسب وفي الأمثلة وغير ذلك، وجرى عليه ابن خروف وغيرُه.
الثالث: إن منشأ الخلاف في اشتمال القرآن على المعرَّب أنه لَمَّا وُصف في عِدة آيات بكونه عربيًّا كما سبق أول الباب وكما أشار إليه الشافعي فيما ذكرناه مِن نَص "الرسالة" فهل يكون المراد الجميع كما فهمه مَن مَنع؟ أو الأكثر كما أَوَّله مَن أَثبت وقوعه؟ لكن الحقيقة هو الكل؛ فلذلك كان أَرْجَح، والله أعلم.