أي: لأجل أنَّ القرآن والسنة عربيان تَوقَّف الاستدلال بهما على حكم من الأحكام على معرفة ما نُقل مِن لغة العرب ورُسم فيها على اختلاف فنونه؛ لأن عِلم لسان العرب:
- إما أن يُبحث فيه عن مدلول اللفظ، فهو عِلم "اللغة"، وإنْ كان في الأصل يشمل كل علومها لكن له إطلاقان: عام، وخاص.
- وإما أن يُبحث فيه عن بنية المفردات وأحوالها، وهو عِلم "التصريف".
- أو عن المركبات وما يعرض لها، فهو علم "النحو".
- أو عن فصاحتها وبلاغتها ووجوه حُسنها، وهو علم "المعاني والبيان والبديع".
فمَن لا يَعرف قَدْر الحاجة من هذه العلوم ولا يخوض في أسرارها لا يفهم القرآن والسنة على الوجه اللائق.
فإنْ قيل: سيأتي أنَّ الألفاظ تكون غير لُغوية إما شرعية أو عُرفية، فلا يكون الاستدلال في تلك متوقفًا على لغة العرب؛ فلا يُطْلق أن الاستدلال دائمًا متوقف على معرفة اللغة، ولذلك قال الأبياري في "شرح البرهان": إنَّ الافتقار إلى اللغة إنما هو حيث عُلم أن الشرع لم يتصرف في ألفاظ اللغة وأنها باقية، أي: ولا أرشد فيها إلى اتِّباع العُرف في مدلول اللفظ، فإنْ عُلِم تَصَرُّفه بذلك فلا يحتاج إلى معرفة اللغة، بل لمعرفة تلك الأوضاع الشرعية. أي: أو العرفية.