فالجواب: أن معرفة اللغة لا بُد منها مع معرفة هذه الأوضاع؛ لجواز أن يَصرف اللفظ عنها إلى اللغة قرينةٌ كما سيأتي ذلك في أحوال التعارُض؛ فقدْ تَوقَّف في الجملة.
ثم النظر في علوم اللغة المذكورة لا يخلو إما أن يكون عن جزئيات أو كليات، وعادة الأصوليين أن يتكلموا على بعض أنواع من الكليات؛ لكثرة دورانها، ولأن لها ضوابط تضبطها، فتشتد الحاجة في الاستدلال إليها، فهي من الأقسام المهمة في فن الأصول؛ فلذلك اعتنوا بها.
وهذا معنى قولي:(لِجَوْلِ الْفِكْرِ). أي: لجولان الفكر، أي: في أي شيء يكون منه اللفظ لمستدَل به حتى يُرَد إليه، والله أعلم.
لَمَّا سبق أنَّ مِن لُطف الله تعالى حدوث اللفظ الموضوع للمعنى، احتِيجَ إلى تفسير اللفظ والوضع وبيان الاصطلاح في أسمائها؛ لِيُفهم المراد عند إرادة تلك الأقسام، وقد اشتمل هذا البيت على تفسير "اللفظ" وما يُسمى إذا وُضِع.
فَ "اللفظ" في اللغة: مصدر "لفظ الشيء"، أي: طرحَه، ثم استعمل في المطروح، كالصيد بمعنى المصيد.
وفي الاصطلاح: الصوت المشتمل على بعض الحروف قصدًا. ليخرج بذلك تصويت الجمادات وغيرُ الناطق مِن الحيوان وإنْ تخيل في صوته بعض أَحْرُف لكنه بغير قصد، فليس بلفظ" فلذلك قيدته بقولي:(بِالْقَصْدِ). وربما عُبِّر عن ذلك بالصوت المعتمد على مقاطع