للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهذا يُعلم أن التعبير بقولنا: (إن لم يمنع) إلى آخِره -أَوْلى من نحو قول ابن الحاجب: (إن اشترك في مفهومه كثيرون) (١)؛ لخروج بعض هذه الأقسام عن تعبيره، إلا أن يحمل قوله: (إن اشترك) على الأَعَم من الاشتراك بالفعل أو بالقوة، ولا يخفَى ما فيه.

فمثال ما وُجد منه واحد وغيرُه ممتنع: "إله"، فإنه الله تعالى لا إله غيره، ولا يمكن وجود إله غيره: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، ومعنى دخول لفظ "إله" في تعريف الكُلي أنه لا يمنعُ تَصورُ معناه مِن الشركة في معناه باعتبار التصور في الذهن، لا باعتبار الممكن في الخارج؛ فلهذا ضَلَّ مَن ضل بالإشراك. ولو كانت الوحدة بضرورة العقل، لما وقع ذلك من عاقل، ولكنها عقول أضلها بارئها بما قضى مِن شقاوتها.

وعلى كل حال: في ذِكر المناطقة هذا المثال نوع من إساءة الأدب؛ فلذلك أهملتُ في النَظم ذِكر هذا التقسيم بالكُلية، وأشرتُ إلى أنه غير مُرْضٍ بقولي: (وَالْمَرْضِىُّ كذا وكذا) لِمَا أذكره من التقسيم بعد ذلك، وتعرضتُ له في الشرح؛ لئلا يظن الناظر في كتبهم ما لم يقصدوه، فيضل عن سواء السبيل.

ومثال ها وُجد منه واحد ولا يمتنع وجود غيره: "الشمس".

ومثال ما يوجد منه في الخارج كثير متناه: "إنسان".

ومثال الكثير الذي لا يتناهى متعذرٌ على قول أهل السُّنة؛ إذْ ما في العالم شيء من الموجودات إلا وهو متناهٍ.

ومثال ما لا يوجد منه شيء أصلًا ويمكن وجوده: بحر من زئبق.

ومثال ما يستحيل وجوده: شريك الإله، فإنه مُحال. ولا يخفَى ما في التمثيل به من الإساءة على نحو ما سبق.


(١) مختصر المنتهى (١/ ١٥٨) مع (بيان المختصر).

<<  <  ج: ص:  >  >>