للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعض أحواله "محكمًا" باعتبارٍ آخَر.

وقولي: (يَسْتَأْثِرُ اللهُ بِعِلْمِهِ) بيان لحكم"المتشابه" وإنْ أوهمت عبارة "جمع الجوامع" أنَّه تفسير له.

قال الأستاذ أَبو منصور: إن هذا قول كثير من أصحابنا المتكلمين والفقهاء، كالحارث والقلانسي، ووقفوا في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ} [آل عمران: ٧] على ذلك.

قال: وهو الأصح عندنا؛ لأنه قول الصحابة، كابن عبَّاس، وابن مسعود وأُبي بن كعب، وهو اختيار أبي عُبيد والأصمعي وأحمد بن يحيى النحوي.

وقال ابن السمعاني: إنه المختار على طريق أهل السُّنة. وحكاه البغوي في "تفسيره" عن الأكثرين من الصحابة والتابعين والنحويين، وقطع به الزبيري - من أصحابنا - في كتاب "المسكت".

ومقابِلُه قول الأشعري والمعتزلة؛ إنه لا بُدَّ أنْ يَكون مِن الراسخين في العلم مَن يَعلمه. والوقف عندهم في الآية على {فِي الْعِلْمِ}، وجملة {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} نَصب على الحال مِن {وَالرَّاسِخُونَ} فقط دُون المعطوف عليه؛ لِتَعَذُّره، فهو قرينة مُخَصِّصة لتقييد الحال بالمعطوف كما في {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: ٧٢]، فإنَّ "نَافِلَة" حال من المعطوف فقط وهو "يعقوب"؛ لأنه ولد الولد، دُون إسحاق؛ لأنه ولد.

وقال ابن الحاجب: (إنه الظاهر؛ لأن الخطاب بما لا يُفهم بعيد) (١).

وقال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" في "كتاب [الأدب] (٢) ": (إنه الأصح؛ لأنه يَبْعُد أن


(١) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل (١/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٢) كذا في (ص، ز، ض)، لكن في (ت): الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>