وقولي: (وَالشَّافِعِيُّ قَدْ رَأَى "الْمُوَافَقَهْ") إلى آخِره - بيان لمدْرَك الاستدلال في مثل صورة الفحوى المذكورة على المسكوت بحكم المذكور هل هو بطريق المفهوم السابق بيانه؛ أو بطريق آخَر؟ وإذا قلنا بطريق آخَر، فما هي؟
وحاصل ما فيه ثلاثة أقوال، مع الأول تصير أربعة:
الأول منها: بالمفهوم، وهو المشهور، وجرى عليه ابن الحاجب والبيضاوي تَبعًا لأصلهما؛ فلذلك ذكرناه في أصل التقسيم، ونقله سليم في "التقريب" عن المتكلمين بأَسْرهم الأشعرية والمعتزلة، وسمَّاه الحنفية "دلالة النَّص".
الأول: أنَّه من باب القياس، قِيسَ المسكوت على المذكور قياسًا جَلِيًّا كما سماه الشَّافعي بذلك، فإنه يشترط في القياس الجِلي كَوْن الحكم في المقِيس أَوْلَى مِن المقيس عليه. وقد حكى الشَّافعي القولين في "الأُم" هل دلالة النص في ذلك لفظية؟ أو قياسية؟
وبالثاني صَدَّر كلامه في "الرسالة" وأوضحَه بالأمثلة، ثم قال: ومنع بعض أهل العلم أن يُسمى قياسًا؛ لأنه معلوم مِن النَّص.
وهو ما نقله الرافعي أيضًا في "باب القضاء" عن الأكثرين، وكذا الهندي في "النهاية". وعبارة الصيرفي: ذهب طائفة جِلَّة إليه، سيدهم الشَّافعي.
وقال الشيخ في "اللمع"(١): إنه الصحيح. وجَرَى عليه القفال الشاشي.
الثالث: أن اللفظ الدال على الأَخَص نُقل عُرْفًا إلى الأَعَم، فنُقِل:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} إلى معنى "ولا تؤذهما".
الرِّابِع: أنَّه أُطْلِق على الأَعَم إطلاقًا مجازيًّا، مِن باب إطلاق الأخص على الأعم، ولم