للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَبْلُغ في الاشتهار أن يصير حقيقة عُرفية، وإنَّما دل على إرادة الجاز فيه السِّيَاق والقرائن. وقال به كثير من المحققين، كالغزالي في موضع وإنْ كان في موضع آخَر أطلق أن النَّص دل عليه بالفحوى، كأنه جرى هنا على المشهور وحقق هناك. وكذا ابن القشيري، وهو ظاهر اختيار ابن الحاجب [حيث] (١) ضَعَّف طريقة القول بأنه قياس بأمور قد سبقه بها الآمدي وغيره ووَهَّاها المحققون، ليس ذلك موضع ذِكرها.

نعم، زعم قوم - كابن السمعاني - أن الشَّافعي لم يُرد حقيقة القياس، بل شبهه.

والحقُّ أن له جهتين: جهة هو بها قياسٌ حقيقةً، وجِهة هو بها مُستنِد إلى اللفظ، ولا امتناع أن يكون للشيء اعتباران، فلذلك أَجمع على القول به مُثْبِتُو القياس ومُنكروه، كُلٌّ نَظَر إلى جهة.

وقد قال ابن سريج لأبي بكر بن داود: ما تقول فيمَن يعمل مثقال ذَرَّتين؟ فقال: الذرتان ذَرة وذَرة. فقال ابن سريج: فلو عمل مثقال ذَرة ويصف؟

قال إمام الحرمين: (فتبلَّد وظهر حزنه) (٢). أي: لأن بإنكاره القياس لا يجري القياس في نِصف [ذَرة] (٣)، لعدم شمول اللفظ لها.

ومن هنا يُعْلَم وَجْه آخَر في اجتماع النَّقْلَين عن الغزالي.

قولي: (لَا بِلَفْظٍ وَافَقَهْ) إلى آخِره - تعريض بالمذاهب الثلاثة المذكورة في المسألة على خِلاف المرجَّح الذي هو نَص الشَّافعي وإنْ كنتُ قد جزمتُ بالأول منها، لضرورة التقسيم


(١) في (ز، ظ): حتَّى انه.
(٢) البرهان في أصول الفقه (٢/ ٥٧٥).
(٣) في (ز، ظ، ض): الا.

<<  <  ج: ص:  >  >>